تجربتي مع وسواس النظافة من أصعب التجارب والفترات التي مرّت عليّ في الحياة لما كانت تحمله من خوف دائم في كل الأماكن ومن التعامل مع كل الأشخاص، وإسراف الأموال بغزارة وبلا جدوى وفي هذا المقال الذي يتناوله موقع القمة سأقوم باستعراض تجربتي الشخصية مع وسواس النظافة.

تجربتي مع وسواس النظافة

تجربتي مع وسواس النظافة

أنا محمد، ثلاثون عامًا أعيشُ على الأرض خمسة وعشرون منهم أُحاول التعايش مع وسواس النظافة القهري، خمسة وعشرون عامًا من إهدار المال في شراء المناديل وسوائل التنظيف وأدوات التعقيم بشكل غير آدمي ومُبالغ فيه.. سنوات قضيتها في قلق مفرط من التعامل مع البشر والسلام باليد أو الذهاب للأماكن العامة والحفلات والتجمعات أو حتى الحدائق لخوفي من الحشرات والأشجار وملامسة المقاعد المتسخة.

اقرأ أيضًا: دعاء إزالة الوسواس والأرق مكتوب مستجاب وطرق التخلص منه

التشخيص وإدراك المشكلة

في تجربتي مع وسواس النظافة بدأت أنتبه للمشكلة منذ سنوات ولكن لم تمثل لي أي عائق في بداية الأمر فكانت مجرد ردود أفعال عادية وتصرفات طبيعية اعتيادية لشخص يحب الترتيب والتنظيف والرائحة المُعطرة دائمًا ولكن لم أدرك أن الوضع سيزداد بهذه الطريقة وسيصل لدرجة الهوس.

حيث بدأت في استعمال الماء بكثرة ورائحة الصابون تتّبعُنِي في كل مكان وزجاجات سائل التعقيم التي أصبحت تحتل حقيبتي بشكل ملحوظ، إلى أن وصل الأمر لوقاحتي في ردود الأفعال على البشر فبدأت لا أمُد يدي للمصافحة وأكتفي بالتحية بالإشارة وانتبه أصدقائي أنني أصبحت أنسحب من التجمعات وأُفضل البقاء في المنزل على أن أتنشق الهواء النظيف في الحدائق والمتنزهات.

فقرر أحد أصدقائي أن يخبرني أنني مُصاب بوسواس النظافة ويجب أن أذهب لمكان مخصص للعلاج سريعًا حتى لا تزداد الأعراض وتتضاعف الأضرار وفي البداية لم أهتم لأنه ما الأضرار التي من الممكن أن تحدث لشخص يحب النظافة ويحافظ على نفسه بشكل زائد، ولكن بعد أيام تصفحت الإنترنت وبدأت بالقراءة أكثر عما قال صديقي “وسواس النظافة” من باب الفضول والمعرفة.

علاج وسواس النظافة

بتجربتي مع وسواس النظافة قرأت العديد من المقالات وبدأت بالاطلاع على الأضرار التي قال عنها صديقي وفعلاً توصلت إلى أضرار كثيرة وخطيرة منها النفسية وعزل الذات عن التعامل مع الآخرين؛ لتفادي الأمراض والجلدية مثل قُرَح الجلد بسبب كثرة استخدام المياه، وتجنب الوحدة والابتعاد الكامل عن الأهل والأصدقاء ظنًا أنهم لا يحترمون النظافة وبالكاد بدأ بعضها يتمثل عليّ وبدأت بالهلع والشعور بالسوء حول نفسي.

ومن مقالات العلاج انتقلت لطرق وكيفية تفادي والتخلص من الأضرار ثم متى وكيف وأين أبدأ العلاج من هذا ما يُسمى وسواس النظافة وعرض عليّ المتصفح العديد من طرق العلاج مثل:

  • العلاج الشخصي: أي أن يقوم المُصاب بتشجيع نفسه وأن يقفز خارج الفقاعة التي بناها لنفسه من النظافة والهواجس وأن يتعامل مع الطبيعة والأشخاص والهواء الطلق والأشياء غير المُعقمة.
  • العلاج الاجتماعي: وهو التعامل مع البشر المحيطين بالشخص المُصاب معه بكثرة وبطريقة أكثر اجتماعية وإخباره دائمًا بمدى نظافته وأناقته وترتيبه حتى يتمكن من التخلص من حاجز التعامل معهم.
  • العلاج النفسي: وهو ما لجأت إليه في الحقيقة لأنه مبني على المساعدة من أخصائي أو طبيب نفسي حيث إنه مُختص وعلى دراية بالتشخيص وأنسب طُرق العلاج.
  • العلاج الطبي: وهو ما يتم فيه عادةً استعمال الأدوية والعقاقير الكيماوية ولكن بوصفة الطبيب المُعالِج وهذا يختص ببعض الحالات المستعصية لجميع طرق العلاج المذكورة في الاعلى.

العلاج النفسي لمشكلة وسواس النظافة

قمت بمراسلة طبيب نفسي مُختص في علاج الاضطرابات النفسية والوساوس وذهبت لموعد الاستشارة في الموعد المحدد بعد تردد في اتخاذ هذا القرار ولكن قمت به في النهاية لكي أبدأ بمساعدة نفسي والتخلص من المشكلة بشكل أسرع.

فقد استمرت الجلسات لمدة شهور وفي كل جلسة يقوم الطبيب بمساعدتي في شيء وإخباري ببعض الواجبات التي عليّ أن أقوم بها مع نفسي في المنزل ومع أصدقائي وفي دوائر علاقاتي الاجتماعية والاطلاع على الواجبات السابقة والتأكد من أنني أقوم بها بشكل صحيح وكامل.

فكان مُحافظًا أن يُبقيني نظيفًا لا مُهملًا ولكن بشكل طبيعي واعتيادي ليس بشكل هيستيري وقد نصحني ببعض الطرق للاسترخاء حتى لا أعود لنفس المحطة التي نتخلص منها الآن عندما أنتهي من جلساتي العلاجية.

اقرأ أيضًا: دعاء نزع الخوف من القلب مستجاب .. دعاء نزع الخوف من القلب من القرأن

نتائج علاج وسواس النظافة

لم ألحظ نتائج العلاج في البداية ولكن مع مرور الأيام والمتابعة مع الطبيب جلسة بعد جلسة ظهرت آثار العلاج عليّ بشكل ملحوظ لكل من أصدقائي وأهلي والطبيب وأنا، حتى حقيبتي وإن تنطق لتسألني لماذا لم أعد أُزودها بالمُعقمات والمناديل حتى المال لم أعُد أُنفقه سريعًا على المُنظفات بشكل شَرِه.

كان لهذا الأثر الإيجابي فضل كبير في جعل شعوري بالسوء حول نفسي يقِل وأن أصبح أكثر مرونةً بعد سنوات من البقاء وحيدًا بسبب تصرفاتي وكلامي وشعوري الدائم بأن كل شيء حولي يعرضني للخطر أصبحت أُجيد الاستمتاع بالتنزهات والربيع دون خوف من أن يمسّ التراب يدي وأمرَض.

وبعد هذه التجربة القاسية أًصبحت أُحافظ على صحتي النفسية بطريقة أفضل حتى لا أُصاب بأي وساوس أو أعراض نفسية أخرى قد تسبب لي ضررًا وعائق في الاستمتاع بالحياة وجعل ممارسة العمل اليومي بشكل حيوي سهل.