حكم سماع الأغاني بدون موسيقى يعد واحدًا من أكثر الأسئلة التي يتساءل العديد من الناس بشأنها، حيث إن الأغاني أصبحت منتشرة إلى حد كبير في وقتنا الحالي بمختلف أشكالها، كما تعددت الآلات الموسيقية والمعازف، ولهذا ومن خلال موقع القمة نتعرف على الحكم الخاص بسماع الأغاني من دون موسيقى.

حكم سماع الأغاني بدون موسيقى

إن الأغاني والموسيقى واحدة من الفنون التي عرفها الإنسان منذ قديم الزمان وعمل على تطويرها مع تطور الأزمنة المختلفة، حيث انتشرت الأغاني إلى حد كبير في مختلف العصور، وتطورت معها الآلات الموسيقية المتنوعة مثل العود والمزمار والدف وغيرها من الآلات.[1]

نظرًا لتعدد أنواع الغناء فإن الفقهاء أصدروا الحكم وفق لنوع الغناء، لذا سنعرض حكم سماع الأغاني بدون موسيقى من خلال الآتي:

1- الغناء غير المصاحب لآلة عزف أو موسيقى

الغناء غير المصاحب لآلة عزف أو موسيقى

بالنسبة إلى الغناء غير المصاحب لآلة العزف أو للموسيقى بشكل عام، فيكون على النحو التالي:

  • من المحرم الغناء بصوت امرأة للرجل، ويكون هذا قياسًا على حرمة رفع المرأة للأذان، أو رفع صوتها في تلاوة القرآن الكريم، لذلك فلا يجوز رفع صوتها أمام الرجال في الغناء حتى ولو كانت الكلمات مشروعة.
  • يجوز للمرأة أن تغني أمام النساء بكلام جيد ولا يحتوي على الفحش أو الفجور أو أي دعوة إلى الرذيلة أو الحرام.

اقرأ أيضًا: حكم قطرة الأنف للصائم ابن عثيمين

2- الغناء بآلة العزف

في حال تم اقتران الغناء بآلة العزف بغض النظر عن نوعها أو تسميتها فهو محرم فيما عدا الدف، حيث إن بعض العلماء قد أباحوه مع وجوب أن تكون كلمات الغناء المصاحبه للدف كلمات مشروعة، كما اقتصر البعض منهم إباحة الدف على النساء وفقًا إلى بعض الضوابط.

3- الغناء بصوت الرجل

في حال كان الغناء بصوت الرجل فقد أباحه بعض أهل العلم، ولكن ذهب آخرون إلى كراهيته، ولكن في حال كانت الكلمات الخاصة بالغناء كلمات متاحة وتحتوي على دعوة إلى الفضيلة فيكون حينها الغناء جائز، حيث إن ذلك قياسًا على الشعر.

حيث كان يُلقى في حضرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم فلا ينكر على من فعله، بل فقد ثبت أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم أمر حسان بن ثابت رضي الله عنه بأن يقول الشعر ذات يوم.

كما أن كعبًا رضي الله عنه قد أنشد شعرًا أمام النبي محمد صلى الله عليه وسلم ذات يوم، بالإضافة إلى عادة العرب في شعرها بالغزل، والذي كان غزلًا عفيفًا وطاهرًا حيث لم ينكر الرسول صلى الله عليه وسلم ما أنشده كعب.

4- الشعر والحداء

أوضح أهل العلم بأنه لا يجب الإكثار من الشعر والحداء بالشكل المبالغ فيه، ولا شك في أن الغناء في حال احتوى على كلمات قبيحة تشتمل على دعوة إلى الفساد أو المعصية مثل أن يصف النساء أو يرغي في شرب الخمر فيعد هذا محرمًا.

أما الغناء بكلمات مباحة وحسنة في حال رافقها محرم فتُحرم حينها لأجل هذا، مثل مجالس الاختلاط وحضور الخمر، حيث إن هذا ما يؤكده النبي محمد صلى الله عليه وسلم حين قال “ليشربَنَّ ناسٌ من أمتي الخمرَ يسمُّونَها بغيرِ اسمِها يُضربُ على رءوسِهم بالدُّفوفِ والمغنياتِ يخسِفُ اللهُ بهِم الأرضَ ويجعلُ منهم القِردةَ والخنازيرَ“، (رواه أبو موسى الأشعري).

اقرأ أيضًا: حكم من ترك الصيام بعد نيته من الليل لأنه لم يستيقظ إلا الفجر ولم يتسحر

5- إنشاد المرأة

مع العلم بأن أهل العلم قد أجازوا للمرأة إنشاد الكلمات المباحة بالألحان والترانيم بحضور محارمها، ولكن يشترط ألا يكون في هذا سببًا في الإلهاء عن ذكر الله سبحانه وتعالى أو عن إقامة الصلاة.

ومن الراجح عند أهل العلم أن ما هو متعارف عليه اليوم من أناشيد دينية ومصنفة عند العلماء بالسماع فإنها مشروعة في حال كانت كلماتها تحث على الخير، حيث فصل الإمام الشاطبي في تلك المسألة في كتابة “الاعتصام”، كما بين صورًا من هذه الإنشادات المشروعة، مثل الدفاع عن الإسلام وأهله، أو طلب الحاجات من خلال الإنشاد الشعري والتشفع عند كبراء القوم.

بالإضافة إلى ما يقال من أجل شحذ الهمم من أجل الجهاد وبذل النفس في سبيل الله سبحانه وتعالى، وكذلك ما يتم إنشاده من أجل وعظ النفس ودعوتها إلى الاستقامة على أمر الله عز وجل، مع العلم بأنه قد أعقب تعقيبًا هامًا من أجل التمييز بين ما ألف من الإنشاد المشروع في العصر الأول وما آل إليه الحال بعدهم.

حيث قال “لكنّ العرب لم يكن لها من تَحسين النغمات ما يجري مجرى ما الناس عليه اليوم، بل كانوا يُنشدون الشِّعر مطلقًا من غير أن يتعلّموا هذه الترجيعات التي حدثت بعدهم، بل كانوا يُرقّقون الصوت ويمطّطونه على وجه لا يليق أميّة…”

“…. العرب الذين لم يعرفوا صنائع الموسيقى، فلم يكن فيه إلذاذ ولا إطرابٌ يُلهي، وإنّما كان لهم شيء من النشاط؛ كما كان الحبشة وعبد الله بن رواحة يحدوان بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما كان الأنصار يقولون عند حفر الخندق:…”

“…. نحن الذين بايعوا محمّداً على الجهاد ما حيينا أبداً، فيُجيبهم صلى الله عليه وسلم بقوله: اللهم لا خير إِلّا خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة“، إبراهيم الشاطبي (1992)، الاعتصام (الطبعة الأولى)، المملكة العربية السعودية: دار ابن عفان، صفحة 345-246. بتصرّف.

إن الموسيقى واحدة من أهم الفنون منذ قديم الزمان، والتي أصبحت منتشرة بشكل كبير في وقتنا الحالي بمختلف اللغات والأنواع والأشكال، ولكن من المهم الالتزام بحكم سماع الأغاني في الإسلام من دون موسيقى لتجنب الوقوع في الذنب.