هل يجوز الاشتراك في ثمن الأضحية؟ وما هو ما حكم الاستدانة في ثمن الأضحية؟ أسئلة كثيرة ومتداخلة تُطرح في كل ما يتعلق بأمر التضحية، وهي الحقيقة كل تلك الأسئلة بالغة الأهمية لكي يكون المسلم على دراية تامة بما يتوجب عليه فعله لكي تكون أضحيته مقبولة وصحيحة، وسوف نجيب عن أهم هذه الأسئلة بالتفصيل وبالأدلة القاطعة من خلال موقع القمة.

هل يجوز الاشتراك في ثمن الأضحية

بمجرد أن يقترب عيد الأضحى يبدأ المسلمون من القادرين على النحر في إعداد كل شيء يخص تقديم الأضحية، لذا تطرح أسئلة كثيرة في هذا الصدد مثل هل يجوز الاشتراك في ثمن الأضحية أم لا، والإجابة عن هذا السؤال بالتحديد تختلف باختلاف نوع الأضحية المراد نحرها كالآتي:

1- إذا كانت الأضحية من الغنم

إذا كانت الأضحية من الغنم

القسم الأول من الإجابة عن سؤال هل يجوز الاشتراك في ثمن الأضحية هو أنه في حال كانت الأضحية المراد ذبحها من الغنم فلا يجوز مشاركة أي شخص في ثمنها، والدلالة على ذلك هو ما ورد في الحديث الشريف التالي:

عن أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: كيفَ كانتِ الضَّحايا علَى عَهدِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ كانَ الرَّجلُ يُضحِّي بالشَّاةِ عنهُ وعن أهلِ بيتِه فيأكلونَ ويَطعمونَ حتَّى تَباهى النَّاسُ فصارت كما تَرى

[المصدر: صحيح الترمذي].[1]

أضحية الشاة كما بين العلماء تتم تجزئتها عن الرجل وأهل بيته مهما كان عددهم إذا توافقوا، واشتركوا في النفقة والقرابة والمساكنة وتجزئ أيضًا عن الأقارب الذين يسكنون مع بعضهم في منزل صاحب الأضحية وتكون نفقتهم عليه وهو عائلهم، وإذا استقل أحد أفراد البيت عن أهله لا يجزئه الاشتراك في أضحية أهله، ويجوز شرعًا إعطاء الفقراء والمساكين جزءًا من الأضحية.

اقرأ أيضًا: هل يجوز صيام القضاء يوم الجمعة

2- إذا كانت الأضحية من البقر أو الإبل

في حال كانت الأضحية المراد نحرها من الإبل أو البقر فيمكن إشراك عدد من الأشخاص أقصاهم 7، ويجوز أيضًا أن يشترك الزوجان في ثمن الأضحية ولكن لا يشترط أن تكون هناك صلة قرابة بين هؤلاء الأشخاص أو حتى صلة نسب.[2]

بل على العكس يمكن أن تكون فيما بين أشخاص من منازل متباعدة ومتفرقة، ولقد أكد علماء وفقهاء الدين على جواز ذلك لأن مجموعة من صحابة النبي اشتركوا يوم الحديبية في الهدي وكان عددهم 7.

“عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم وأصحابَه مَرُّوا بِامْرأةٍ، فذَبَحَتْ لهم شاةً، واتَّخذَتْ لهم طعامًا، فلمَّا رَجَعَ قالَتْ: يا رسولَ اللهِ، إنَّا اتَّخَذْنا لكم طعامًا، فادْخُلوا فكُلوا، فدَخَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم وأصحابُه،….”

“…. وكانوا لا يَبدَؤون حتى يَبتَدِئَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم، فأَخَذَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم لُقْمةً، فلم يَستَطِعْ أنْ يُسيغَها، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: هذه شاةٌ ذُبِحتْ بِغيرِ إذْنِ أهْلِها، فقالَتِ المرأةُ: يا نَبيَّ اللهِ، إنَّا لا نَحتَشِمُ مِن آلِ سَعدِ بنِ مُعاذٍ، ولا يَحتشِمون منَّا، نَأخُذُ منهم، ويأخُذونَ منَّا [المصدر: تخريج المسند لشعيب].

ما هو حكم مشاركة الغير في نية الأضحية

إن إشراك الغير في نية الأضحية دون أن يقوموا بدفع ولو جزء من ثمنها لا يجوز، ولا يجوز للمضحي أن بأن يشترك في أضحية بعد أن يتم ذبحها بالفعل، بينما يتوجب على الراغبين في المشاركة بالأضحية أن يتموا الدفع وأن ينووا الاشتراك قبل الذبح وليس بعده.[3]

“عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قال: خَرَجْنَا مع رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِن ذِي القَعْدَةِ، لا نُرَى إلَّا الحَجَّ، فَلَمَّا دَنَوْنَا مِن مَكَّةَ أمَرَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَن لَمْ يَكُنْ معهُ هَدْيٌ إذَا طَافَ وسَعَى بيْنَ الصَّفَا والمَرْوَةِ أنْ يَحِلَّ. قالَتْ: فَدُخِلَ عَلَيْنَا يَومَ النَّحْرِ بلَحْمِ بَقَرٍ، فَقُلتُ: ما هذا؟ قالَ: نَحَرَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن أزْوَاجِهِ”[المصدر: صحيح البخاري].

ما حكم الاستدانة في ثمن الأضحية

لقد كثرت الأقاويل وتعددت الآراء فيما يخص مشروعية الأضحية وهل يجوز للمسلم أن يستدين ثمنها أم لا، وفيما يلي نتعرف إلى آراء أئمة المذاهب الأربعة في هذا الصدد:

1- رأي الحنفية

ذهبت الحنفية إلى أنه يشترط على المضحي أن يكون من الأغنياء ويملك نصاب الزكاة ويزيد عن حاجته الأساسية.[4]

2- رأي المالكية

رأت المالكية بأنه لا يجوز التضحية ولا تشرع في حق من لا يملك قوت يومه، وتستحب التضحية لمن يملك زيادة من المال عن حاجته الأساسية ولا يلحق فيه الضرر أو التأثر سلبًا إذا ضحى ولكن لا يجوز له أن يقترض لأداء التضحية.[5]

3- رأي الشافعية

قالت الشافعية بأن الأضحية مشروعة فقط في حق من يملك زيادة من المال عن حاجاته اليومية ويوم العيد وأيضًا في أيام التشريق.[6]

4- رأي الحنابلة

ذهبت الحنابلة إلى أن التضحية مشرعة في حق كل من يقدر عليها من المسلمين، ومن يملك ثمنها زائدًا عن احتياجاته الضرورية والأساسية، وإذا كان قد تم شراؤها بالدين والمسلم قادر على وفائه فيما بعد فيجوز له الاقتراض للتضحية.

شروط مشروعية الأضحية

قبل أن يقوم المسلم بشراء الأضحية التي ينوي نحرها يجب أن يكون على علم ودراية بالشروط التي يجب أن تستوفى في الأضحية وهي:

1- مشروعية الامتلاك

يجب أن يكون المضحي قد امتلك هذه الأضحية بطريقة مشروعة، فلا يجوز أن تكون مسروقة أو مغصوبة أو تم شراؤها بعقد فاسد أو بمال حرام أو بمال الربا.

2- من الأصناف المجاز التضحية بها

هناك أصنافًا وأنواعًا محددة قد أجاز الله ذبحها والتضحية بها وهي الإبل والبقر والغنم سواءً كانت من الضأن أو الماعز، لذا لا يجب أن تكون الأضحية غير هذه الحيوانات.

3- بلوغ السن المعتبر

حدد الله تعالى العمر الذي يجوز ذبح الأضحية فيه وهو يختلف من نوع لآخر في الأضاحي، فمثلًا العمر الشرعي لذبح الإبل هو ما أتم الخمس سنوات وبدأ في العام السادس.

أما في البقر فيجب أن تتم البقرة عمر السنتين وتدخل في الثالثة، وفي المعز ما أتمت العام ودخلت في العام الثاني، أما الضأن فما أتم الستة أشهر ودخل في الشهر السابع.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الاغتسال في نفس يوم الصيام

4- سليمة من العيوب

هناك عيوبًا معينة في الأضاحي لا تقبل مثل العور والمرض والعرج والكسر، وكل عيب أقوى وأشد من هذه العيوب لأنه عادةً ما يكون سببًا في عدم صحة الأضحية.

من خلال الإجابة عن سؤال هل يجوز الاشتراك في ثمن الأضحية، يمكننا التأكد من إن الله لم يثقل كاهل المسلمين بما لا يقدرون عليه، ولم يفرض التضحية على كل مسلم إلا على القادرين فقط، لكي يأكل غير القادر مثلما أكل منها القدر فيستويان.