أود قراءة قصصكم مع لا حول ولا قوة الا بالله، ذلك الذكر العظيم الذي سمعت عن قوة تأثيره في شتى الأمور خاصةً المتعلقة بالكروب، وهل بالفعل يُغني عن الدعوات، كانت تلك رسالة مؤثرة من أحد الأشخاص التي بناءً عليها نشد رحال قلوبنا إلى رحاب الأذكار وآثرها، وذلك من خلال موقع القمة.

قصصكم مع لا حول ولا قوة الا بالله

عالم الأذكار مليء بالأسرار الربانية التي لا يطّلع عليها ويستشعر فضائلها ويعيش في بركاتها إلا من عزم جهد قلبه على الغوص في أعماقه، وصيد فوائده، ولسان حاله يقول كفاني بركة ومنفعة أن أكون من الله قريب، مثلما هو دومًا مني هكذا.[1]

في ضوء تلك السيرة العطرة، نتوقف قليلًا عن الوصف والسرد الذي لن ينتهي أبدًا، ونعايش بعضًا من القصص الواقعية التي حدثت لبشرٍ مثلنا، وحتمًا حدثت لنا أيضًا، لنتعظ من تفاصيلها من خلال ما يلي:

1- لا حول ولا قوة إلا بالله وفك الكروب

لا حول ولا قوة إلا بالله وفك الكروب

تروي لنا تلك الفتاة عن إحدى الفترات العصيبة التي لم تمر بمثلها قط من قبل، حيث واجهت فيها ابتلاءًا عظيمًا، لا زالت تتلمس بسببه آثار أدمعها التي طالما ملئت وجهها قهرًا، ولا زالت تضع يدها لتربت على ذلك القلب الذي طالما سمعت نبضاته المتألمة.

أيضًا تذكر تلك اللحظة التي شعرت بأن ملامحها تشربّت الحزن الذي أخفى معالم برائتها، لكن ومع كل ذلك الأسى ارتسمت على شفتيها ابتسامة ممتنة، لتخبرنا أن جميع تلك اللحظات قد تلاشت عندما علمت بفضل لا حول ولا قوة إلا بالله.

تقول أنها ذات ليلة اختلت بربها باكية، واختفت حينها من عقلها جميع قواميس الكلم فلم تستطع تجميع جملة واحدة تدعو بها الله، ولم يسعفها سوى لا حول ولا قوة إلا بالله، بدأ به لسانها لتنطلق معه جميع جوارحها.

تخبرنا تلك الفتاة أنها لا تستطيع حتى الآن فهم ما جرى، حيث سرت في جسدها ما وصفتها بالطمأنينة وكأن الرد الإلهي قد وصلها على الفور، بألا تخافي ولا تحزني، لتسكن من بعدها وهي في حال تسليم بما سيقضيه الله حيال كربها.

الكرب؟ هنا كانت المعجزة الحقيقية بأن الهم الذي استوطن حياتها طويلًا، لم يعد له وجود ولا تعلم كيف ومتى حدث ذلك، لا تذكر سوى أن أحدهم اخبرها ذات يوم، لا بأس لقد انتهى كل شيء وتم حل الأمر.

لا زالت تلك الفتاة حتى وقتنا هذا تهرع بذاكرة قلبها وعقلها لتلك اللحظة وكأنها تختبئ من مخاوف الدنيا، في كهف رحمة الله وقدرته التي رأتها بأم عينيها.

اقرأ أيضًا: هل يجوز تكملة ختم القرآن بعد رمضان

2- لا حول ولا قوة إلا بالله وشفاء المريض

نستكمل حديثنا عن قصصكم مع لا حول ولا قوة إلا بالله، ويحكي لنا أحدهم عن قصته التي جعلها الله سببًا لتقوية إيمانه، وتعلّقه بحباله التي لا تنقطع، وكان ذلك حينما مرض أبيه مرضًا شديدًا، ولم يتركوا طبيبًا إلا وإليه ذهبوا توكلًأ على الله وأخذًا بالأسباب.

لكن ما كان يثير حيرتهم  وقلقهم هو تعدد آراء هؤلاء الأطباء، الذي كان كل رأي لا يقل خطرًا عن الآخر، يقول لنا هذا الرجل أن ذلك الموقف جعله في حالة من الضعف لأن صورة القوة الراسخة في ذهنه وعينه لأبيه رؤيتها تنهار هو بالشيء العظيم.

في دوامة تلك الأجواء وفي لحظة صمتٍ خارجي وصخبٍ داخلي، أغمض عينيه وظل يدعو الله بأن يشفي له أباه، رويدًا رويدًا بدأت دموعه تنسال هاربة من ضيق قلبه، ليجد لسانه يلهج بلا حول ولا قوة إلا بالله.

في تعقيبٍ لطيف منه يقول شعرت حينها وكأنني أسمع تلك الكلمات لأول مرة وأعي معانيها، وشعرت بأنني لا أعلم سواها في حياتي في نفس الوقت، يقول توقفت للحظة أحدث فيها نفسي بأنني حزين لانهيار قوة أبي، ولي ربًا لا يعجزه شيئ في أرضه ولا سمائه.

ظل يردد لا حول ولا قوة إلا بالله في كل وقتٍ وحين، حين يقوم ويمسي، حين يذهب مع أبيه للطبيب، ويناوله الدواء، ويطعمه الطعام، وكأنه طفلًأً خائفًا والذكر هو ما يطمئنه.

ثم ماذا؟ ثم إن قوة الله كانت هي الكاشفة لما أصابهم من سوء، شُفي المرض، وانجلى الحزن، وتهللت الأسارير، وتيقّن القلب بأن لا حول ولا قوة إلا بالله.

3- لا حول ولا قوة إلا بالله والرزق

القصة التالية من سلسلة قصصكم مع لا حول ولا قوة إلا بالله، والتي تخص أحد الأمور التي تهم كل مخلوق على وجه الأرض هي الرزق، يستهل الراوي حديثه بنصف ابتسامة ونظرة سارحة وكأنه يسترجع سريعًا لطف ربه الذي غمره.

يقول مثله كمثل أي شاب في مقتبل عمره، انتهى من مسيرته التعليمية، وتخرج في إحدى الكليات التي من المفترض أن تفتح له أبواب وليس بابًا واحدًا لفرص العمل التي يختار هو منها ما يشاء.

لكن وعلى عكس ما توقع تمامًا فقد وجد جميع الأبواب في وجهه موصدة، حتى المفتوح منها ويكاد أن يلجه، ينغلق سريعًا فلا يستطيع، في بداية الأمر كان يأخذ الأمر على محمل المزاح، ويخبر نفسه بلا بأس فتلك هي البداية التي لا بد أن تتسم بالمشقة التي ستأتي من بعدها الراحة.

لكن الوقت يمر عليه وهو ساكنًا في محله، حتى تحولت المشقة إلى مرارة لم يعلم هل سيذوق من بعدها حلوًا، في ذلك الوقت تقابل ذات يوم مع أحد أصدقائه من الجامعة، الذي وجده في أحسن حال، ويعمل وله أسرة.

حينها بدأ يبث لصديقه شكواه وضيق حاله، ليخبره بسرٍ لم يلقِ له بالًا من قبل، وهو المداومة على الذكر وتحديدًا لا حول ولا قوة إلا بالله، بشرط أن يقولها بإيمانٍ وليس عن تجربة لأن الله لا يُجرَب -حاشاه-

أخذ الصديق بنصيحة صديقه الصالح ليفاجئ بعد فترة ليست بكبيرة بأبواب الرزق تُفتح له على مصراعيها، والتحق بوظيفة أحلامه، لكن اللطيف في الأمر قوله بأن الله أغلق في وجهه جميع الأبواب، ليجعله ينتبه إلى الباب الوحيد الذي لم ولن يغلق وهو بابه سبحانه.

اقرأ أيضًا: هل يجوز مجامعة الزوجة قبل الاغتسال من الحيض

فضل لا حول ولا قوة إلا بالله

لا حول ولا قوة إلا بالله، بضعة كلمات تقشعّر لها القلوب، وتهتز لها الأبدان، وتسمو بها الروح وهي مُستشعرة قوة الله، هذا الذكر الذي بمجرد تلفّظ اللسان به، تشعر وكأن حدث جلل على وشك الحدوث، بل حدث بالفعل.

وكيف لا، وأنت أيها العبد الضعيف اعترفت بضعفك الأبدي، وارخيت رأسك متذللَا، وقلبك خاشعًا، ونطقت كل جوارحك بأن القوة بيد الله وحده، وأن الحول لا يكون إلا بإذنه، هل تراك يُخيبك الله؟ حاشاه.

في هذا الصدد لا يوجد تعبيرًا يبعث في قلب المرء المعنى الحقيقي لبركته، بقدر وصف النبي الكريم بأنه كنز من كنوز الجنة.

 “عن أبي موسى الأشعري، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أَلَا أَدُلُّكَ علَى كَلِمَةٍ مِن كُنُوزِ الجَنَّةِ، أَوْ قالَ: علَى كَنْزٍ مِن كُنُوزِ الجَنَّةِ؟ فَقُلتُ: بَلَى، فَقالَ: لا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا باللّه” [رواه مسلم].

المداومة على الأذكار كالحوقلة من الأبواب التي يعرف بها المؤمن ربه، والتي لها من الفضل ما لا يعيه أحد، يكفي أن بها يسكن اليقين في قلبه ليطهره من كل ريبة وشك.