هل يجوز للزوج منع زوجته من صيام التطوع؟ وهل يجوز له منعها عن صيام القضاء لما فاتها من رمضان؟ تعد هذه الأسئلة من أكثر الأسئلة التي تشغل بال العديد من الأزواج وخاصةً من النساء، حيث ترغب الزوجة في معرفة ما إذا كان يجب استئذان الزوج قبل صيام التطوع أم لا، لذلك يجيب موقع القمة عن هذه الأسئلة بكل وضوح.

هل يجوز للزوج منع زوجته من صيام التطوع

هل يجوز للزوج منع زوجته من صيام التطوع

لا بد من معرفة أن الحياة الزوجية بشكل عام يجب أن تكون قائمة على المودة والرحمة بين الزوجين ومن أهم آثار المودة والرحمة هو التفاهم والتشاور سويًا في كافة أمورهم الشخصية.[1]

حيث يجب أن يقوم الزوجان بتنظيم حقوقهم وواجباتهم نحو بعضهما البعض حتى يتجنبا وقوع أي تعارض أو خلاف بينهما، لذلك يجب أن تكون الزوجة على علم بأنها لا يمكن أن تصوم التطوع من دون إذن زوجها وبأن زوجها من حقه أن يمنعها من الصيام، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

لا تَصُومُ المَرْأَةُ وبَعْلُها شاهِدٌ إلَّا بإذْنِهِ“، صحيح البخاري.

كما أن لجنة الفتاوى قد أضافت أن أهل العلم قد حملوا هذا الحديث على صوم التطوع أو النافلة، حيث قال الإمام النووي في شرح الحديث “بأن قوله صلى الله عليه وسلم لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه هو مختص بصوم التطوع والمندوب الذي يكون غير محدد بزمن معين.

اقرأ أيضًا: زوجي يمنعني من الصيام

هل يجوز للزوج منع زوجته عن صيام القضاء لما فاتها من رمضان

في إطار التعرف على إجابة سؤال هل يجوز للزوج منع زوجته من صيام التطوع، لا بد من معرفة أن ما تم ذكره في الفقرة السابقة مختص بصيام التطوع والنوافل فقط، أما قضاء رمضان فهو واجب ولذلك يكون حكمه مختلفًا عن حكم صيام التطوع، ومن الممكن أن يكون هذا مختلطًا بالنسبة للزوج ويجب أن يتم بيانه له.

من الجدير بالذكر أنه إذا كان في القضاء متسعًا من الوقت أو وقت كافٍ للزوجة، فيجب عليها حينها ألا تصوم إلا بإذن زوجها، وفي حال منعها فيجب عليها أن تطيعه.

أما إذا كان الوقت قد ضاق بها، مثل أن يكون باقي من أيام شهر شعبان بعدد الأيام التي أفطرتها المرأة في شهر رمضان فحينها لا يجب عليها الاستئذان ويمكنها الصوم للقضاء ولا يجوز لزوجها أن يمنعها، أو يلزمها بالفطر، حيث بين مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية أنه يجب على الزوجة استئذان زوجها عند صيام النافلة ولا يجب استئذانه في صيام رمضان.

السبب في نهي الزوجة عن صيام التطوع إلا بإذن زوجها

بعد أن تعرفنا على إجابة كل من سؤال هل يجوز للزوج منع زوجته من صيام التطوع، وهل يجوز للزوج منع زوجته عن صيام القضاء لما فاتها من رمضان، لا بد من الاطلاع على السبب وراء نهي الزوجة عن صيام التطوع من دون إذن زوجها، حيث إن السبب الرئيسي في ذلك هو أن تطوعها بالصوم من دون إذن زوجها من الممكن أن يفوت عليه حقه في الاستمتاع بها في حال أراد ذلك.

حيث إن للزوج حق الاستمتاع بها في كال الأيام، ويجب أن تعلم المرأة أن حق زوجها فيها واجب على الفور، فلا يجب أن يفوته بتطوع أو بواجب على التراخي، وفي حال قال أحدهم أنه يجوز لها الصيام من دون إذنه وإن أراد الاستمتاع بها فيحق له إفساد صومها حينها، فالجواب هنا أن صومها سيمنعه من الاستمتاع في العادة، حيث إنه سيهاب أن ينتهك الصوم بالإفساد.

حكم صيام المرأة من دون إذن زوجها وهو غائب عنها

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:

لأن حق الزوج عليها واجب، والنفل تطوع لا تأثم بتركه، وحق الزوج تأثم بتركه، وذلك أن الزوج ربما يحتاج إلى أن يستمتع بها، فإذا كانت صائمة وأراد الاستمتاع بها، صار في نفسه حرج.” انتهى من “شرح رياض الصالحين“، (3 / 146)، ولذلك فقد تم تقييد النهي بحضور الزوج في بيت الزوجة وليس وهو غائب عنها.

كما قال النووي رحمه الله تعالى:

وقوله صلى الله عليه وسلم (وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ)، أي: مقيم في البلد، أما إذا كان مسافرا فلها الصوم، لأنه لا يتأتى منه الاستمتاع إذا لم تكن معه.” انتهى من “شرح صحيح مسلم“، (7 / 115).

نستنتج من ذلك أنه في حال كان تعذر استمتاع الزوج بزوجته سببه الغياب، فهذا يبيح تطوعها بالصيام من دون استئذان، كما هو الحال إذا تعذر الاستمتاع بسبب غير السفر أو الغياب كأن يكون الزوج مريضًا أو صائمًا، فهذا يبيح للزوجة أيضًا أن تتطوع بالصيام من دون استئذان من زوجها.

حيث قال العراقي رحمه الله تعالى:

في معنى غيبته: أن يكون مريضا لا يمكنه الاستمتاع بزوجته، فلها حينئذ الصوم من غير إذنه فيما يظهر.” انتهى من “طرح التثريب“، (4 / 141).،

كما قال زين الدين الحنفي في كتابه بعنوان “تحفة الملوك” بالصفحة 150 في فقه مذهب أبي حنيفة رحمة الله تعالى:

ولا تصوم المرأة تطوعا بغير إذن زوجها؛ إلا أن يكون صائما، أو مريضا“، انتهى.

اقرأ أيضًا: هل يجوز للمرأة أن تتصرف في مالها بغير إذن زوجها

هل يجب على الزوج استئذان زوجته عند الصيام التطوع

من خلال النظر إلى أن الله سبحانه وتعالى قد أباح للزوج الواحد أن يجمع بين أربع نساء وبأن يجعل لكل واحدة منهن يومًا من الأيام الأربعة ولا تشاركها فيه غيرها، فهذا يعني أن حق المرأة ليس في كل وقت، حيث إن الأمر لو كان كذلك لما سمح له الله بالتعدد.

أما المرأة الواحدة فليس لها إلا أن تتزوج رجلًا واحدًا فقط، لذلك يكون حقه في كل وقت، ومن الممكن أن يكون ذلك من شدة الشهوة عند الرجل أو لقلة الصبر في حال حضرته، أو لغير ذلك والله أعلى وأعلم.

مما لا شك فيه أن الحياة الزوجية واحدة من أسمى العلاقات وأكثرها ودًا ورحمة، لذلك فقد خصص الله لهذه العلاقة مجموعة من الحقوق والواجبات فيما بين الزوج والزوجة، والتي من بينها ضرورة استئذان الزوجة زوجها قبل صيام التطوع.