هل يجوز الاستغفار بدون وضوء؟ وهل يمكن قراءة القرآن دون وضوء؟ فالذكر من أسهل العبادات وأكثرها استدامة، إذ إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يشجع الصحابة على ترطيب الألسن بذكر الله باستمرار في كل وقت وحين، وذلك لأنه على دراية كافية بما لترديد الاستغفار من فوائد على العبد الصالح في الدنيا والآخرة، ومن خلال موقع القمة نعرض إجابة هذا الأمر.

هل يجوز الاستغفار بدون وضوء

هل يجوز الاستغفار بدون وضوء

الاستغفار له فضل كبير فقد ذكره الله في القرآن لفظة استغفر 26 مرة للتأكيد على أهمية هذا الفعل حيث من اللازم أن يكون المرء واعيًا، لأن السبيل الوحيد لإرضاء الله عز وجل هو الإقرار بالذنوب والمعاصي وطلب العفو والغفران مع التوبة الخالصة لوجهه سبحانه وتعالى فقد قام بوصف العباد الصالحين في كتابه العزيز بقوله تبارك وتعالى:[1]

{رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ۙ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [سورة النور: 37].

لذلك يرغب العبد الصالح في التعرف على أفضل الأذكار التي ترضي المولى عز وجل ليقولها باستمرار، كما يريد أن يعرف هل يجوز الاستغفار بدون وضوء وقد أكد العلماء أن الاستغفار والذكر في المطلق لا يحتاج لطهارة.

لكن الذكر على وضوء أفضل لما ورد عن النبي:

أنَّه سلَّم على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو يتوضَّأُ، فلم يرُدَّ عليه، فلمَّا فرغ قال: إنَّه لم يمنعْني أن أرُدَّ عليك إلَّا أنِّي كَرِهتُ أن أذكُرَ اللهَ إلَّا على طَهارةٍ ” [علل الدارقطني – الراوي: المهاجر بن عمير بن جذعان]

وذلك تأدبًا من الرسول مع الله، وليس ضرورة ولا يوجد ما يشير لكراهة الذكر دون وضوء.

كما أن الإمام ابن الباز أكد أن الوضوء ليس شرطًا في الذكر والتهليل إلا إن كان يقرأ من المصحف حينها يشترط الغسل إن كان على جنابة، أما القراءة عن ظهر قلب والاستغفار والتسبيح والتهليل فلا تشترط وضوء.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الاستغفار للميت

دعاء سيد الاستغفار

بعد الإجابة عن هل يجوز الاستغفار بدون وضوء، نعرض لكم أحد أفضل وأحب الأدعية والأذكار التي وردتنا عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذ إن دعاء سيد الاستغفار يحبذ قوله في أذكار الصباح والمساء، لأن له أجر عظيم جدًا حيث ورد عن النبي ما يلي:

“سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي، لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي، فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ. إذا قالَ حِينَ يُمْسِي فَماتَ دَخَلَ الجَنَّةَ – أوْ: كانَ مِن أهْلِ الجَنَّةِ – وإذا قالَ حِينَ يُصْبِحُ فَماتَ مِن يَومِهِ مِثْلَهُ” [صحيح البخاري _ الراوي: شدا بن أوس].

وهذا الدعاء يثوب المرء بثواب عظيم كما أنه يعجل الإجابة، وذلك لأنه يشتمل على معانٍ عظيمة إذ إنه يؤكد التوحيد بالربوبية واعتراف بالذنوب والخطايا والاعتراف بالنعم وامتنان لها.

آداب الاستغفار

في إطار توضيح هل يجوز الاستغفار بدون وضوء من الواجب أن يتبع المرء المسلم الآداب النبوية، والتي يجازى المرء على القيام بها حسنات مضاعفة حيث قال الله تعالى:

{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [آل عمران: 31]

وتتمثل هذه الآداب النبوية فيما يلي:

  • يلزم أن يكون الصوت همسًا لا يكاد يسمع ولا جهر فيه.
  • من الضروري حضور القلب والخشوع.
  • يجب إخلاص النية لله دون سواه لأن العمل الذي يشوبه الرياء يكون هباءً منثورًا.
  • يفضل أن يكون المرء طاهر من الحدث الأكبر والأصغر.
  • الحرص على قول الأذكار التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما هي دون زيادة أو نقصان سواء كانت في الصباح والمساء أو دبر كل صلاة.

اقرأ أيضًا: دعاء الاستغفار من ذنب كبير ومعرفة أهميتة

فضل الاستغفار 

في إطار ذكر هل يجوز الاستغفار بدون وضوء، فإنه من الواجب أن نقوم بتوضيح فضل الذكر وأثره في حياة المرء المسلم، إذ إن الاستغفار من العبادات التي تنفع صاحبها في الدنيا والآخرة لأنه يصبح أكثر تسامحًا وهدوءًا، وتتمثل فضائل الاستغفار فيما يلي:

  • الاستغفار يصرف الشيطان واتباعه ويجعل الإنسان ينشغل بالعبادة عن المعاصي ويقلل من ارتكاب الذنوب.
  • يؤكد الله على أهمية الذكر حين يقول في حديث قدسي “أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، إنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ، ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ، ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ هُمْ خَيْرٌ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا، تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا” [الراوي: أبو هريرة].
  • ورد عن النبي في حديث شريف فضل الاستغفار “مَن قال: أستغفِرُ اللهَ الذي لا إلهَ إلَّا هو الحيُّ القيُّومُ وأتوبُ إليه، غُفِرَتْ ذُنوبُهُ وإنْ كان قد فَرَّ من الزَّحْفِ” [تخريج رياض الصالحين – الراوي: عبد الله بن مسعود].
  • كان محمد صلى الله عليه وسلم يستغفر 70 مرة يوميًا مما يشجعنا على القيام بذلك اقتداءً به ” واللَّهِ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ في اليَومِ أكْثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّةً” [صحيح البخاري – الراوي: أبو هريرة].
  • ذكر الله يعد من الصدقات الواجبة عن صحة الإنسان ليحافظ على النعم التي عنده، فقد ورد في حديث شريف “يُصْبِحُ علَى كُلِّ سُلَامَى مِن أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ، فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ، وَأَمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنِ المُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَيُجْزِئُ مِن ذلكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُما مِنَ الضُّحَى” [صحيح مسلم – الراوي: أبو ذر الغفاري].
  • ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم “مَن سبَّحَ في دُبُرِ صلاةِ الغداةِ، مائةَ تسبيحةٍ وهلَّلَ مائةَ تَهليلةٍ غُفِرَت لهُ ذنوبُهُ ولَو كانَت مثلَ زَبدِ البَحرِ” [صحيح النسائي – الراوي: أبوهريرة]
  • أمرنا الله بالاستغفار للحصول على التوبة والرحمات فقد ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابً} [سورة النصر: 3]
  • ذكر الله في القرآن الكريم أن سمات المسلمين المؤمنين به سبحانه وتعالى أنهم يكثرون من الذكر قيامًا وقعودًا وفي كل وقت وحين كما قال تعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [سورة آل عمران: 191]
  • يأمرنا الله بطلب المغفرة والرحمة ليغفر لنا في قوله تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [سورة نوح: 10]

إن الاستغفار من أروع العبادات التي فرضها الله على الإنسان، إذ إن الله غفر لموسى عليه السلام حين قتل نفس، وقد غفر الله سبحانه وتعالى يونس عليه السلام وأخرجه من بطن الحوت وظلمات البحر والليل حين استغفره.