هل يجوز خلع الزوج دون علمه ويكون التفريق بينهما صحيحًا أم لا؟ فمن ذهب إلى محاكم الأسرة في البلدان المختلفة وجدها مُكتظة بالأزواج الذين يتنازعون فيما بينهم، منهم من يُرد الانفصال ومن تعجبه روح المنازعة تلك، وللفصل في هذه الأمور نعرض من خلال موقع القمة الرأي الشرعي في مسألة الخلع وتفاصيله.

هل يجوز خلع الزوج دون علمه

هل يجوز خلع الزوج دون علمه

يبحث الأزواج من كلا الجنسين عن ثغراتٍ قانونية أو شرعية تُمكّنهم في محاربة شركائهم بشتى الطرق، خاصةً حينما يستحيل العيش بينهما باختلاف الأسباب ويرفض الزوج تطليق الزوجة وإرجاع حقوقها، لتلجأ حينها الزوجة إلى المهرب الذي أباحه لها الدين وكفّله لها القانون ألا وهو الخلع.[1]

لكن الكثير يتساءل عن الحكم الشرعي فيما يخص هل يجوز خلع الزوج دون علمه، إذ إنه رغبة الزوجة في الخلاص من تلك الحياة ولكن في أطر الحلال، وعليه قد أجاز العلماء وقوع الخلع حتى في حال عدم علم أو رضا الزوج.

حيث إنه كما أن الطلاق بيد الرجل، فإن الخلع بيد المرأة ولها أن تستخدم ذلك الحق في حال وجدت ما يعيق استكمال تلك الحياة مع زوجها، علمًا بأنه للحصول على حريتها تفتدي نفسها بالمال ألا وهو رد جميع الحقوق التي أعطاها لها الزوج.

على إثر ذلك فإنها في حال رفعت دعوى للقضاء للتفريق بينها وبين زوجها، مع إرفاق سبب مُقنع تعتد به المحكمة، فقامت بتطليقها دون حاجة إلى إذن أو علم الزوج، ويأتي ذلك طبقًا لما ورد في الآية الكريمة التالية:

{إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [البقرة: 229].

اقرأ أيضًا: هل العفش من حق الزوجة بعد الخلع

السند النبوي على خلع الزوج

من أكثر الأمور التي نستدل به على الإجابة المؤكدة لسؤال هل يجوز خلع الزوج دون علمه، هو الحديث النبوي الشريف التالي:

“عن عبد الله بين عباس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بنِ قَيْسٍ أتَتِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بنُ قَيْسٍ، ما أعْتِبُ عليه في خُلُقٍ ولَا دِينٍ، ولَكِنِّي أكْرَهُ الكُفْرَ في الإسْلَامِ،

فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أتَرُدِّينَ عليه حَدِيقَتَهُ؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: اقْبَلِ الحَدِيقَةَ وطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً” [رواه البخاري].

نسترشد من هذا الحديث عدة أحكام شرعية استند عليها الفقهاء وهي كالتالي:

  • الخلع جائز وحلال في الدين الإسلامي.
  • ضرورة أن تردّ المرأة مهرها الذي دُفع لها في حال كان التفريق نابع من قرارة نفسها.
  • أن الخلع لا يقتضي موافقة الزوج في كل الحالات، إذ أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابي ثابت بن قيس بقبول الحديثة وتطليقها على الفور.
  • من الأمور التي تُعد سببًا جائزًا لطلب الطلاق أو الخلع، هو عدم تقبّل شكل الطرف الآخر، وذلك لما قد يؤديه من مخاطر عظيمة.

ما يأخذه الزوج في حال الخلع

من الجدير بالذكر في إطار فتح باب الخلع، وكما قيل أعلاه بأن الخلع هو افتداء الزوجة نفسها بأموالها، فقد حددت المذاهب الأربعة ما تقوم بإعطائه للزوج وقيمته وذلك على النحو التالي:

  • الحنابلة يروا أن الزوجة من المستحب أن تُرجع لزوجها ما أعطاها فقط، بل إن الزوج يحرم عليه مساومتها على أخذ أكثر منه حتى تتمكن من خلعه.
  • الشافعية والمالكية يُجيزان أن تعطي الزوجة لزوجها مثل القيمة التي أخذتها، قلتّ أو كثرتّ، حسب المُتفق عليه بينهما.
  • الحنفية توجّهوا إلى كراهة أخذ الزوج من زوجته أي عوض حتى تتخلص منه، وذلك استنادًا على الآية الكريمة الآتية: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: 20] علمًا بأنه في حال نشوز المرأة جاز له الأخذ.

في إطار تلك الآراء الفقهية، فإن ما يُعمل به هو إباحة أن يأخذ الرجل من زوجته مقدار المهر والصداق دون زيادة، ولا يحق له استرداد نفقات سفر أو أثاث منزل أو ما شابه، إلا في حال وجود اتفاق برضا الطرفين.

اقرأ أيضًا: ما هي الاوراق المطلوبة لرفع قضايا الخلع

طرق التواصل مع دار الإفتاء

توجد الكثير من الأمور التي تحتاج كل منها فتاوى وأحكام معينة، والتي لا يمكن الاعتماد فيها على مجرد قراءة النصوص الجامدة وتنفيذ من قِبل النفس وذلك تجنبًا للوقوع في دائرة الشبهات.

على إثر ذلك وبما أن حالات الخلع تعد من أكثر ما ينطبق عليه ما سبق، فإنه يمكن التواصل بشكل مباشر أو غير مباشر مع أيٍ من علماء دار الإفتاء واطلاعه على التفاصيل الهامة حتى يصدر الفتوى الصحيحة:

الموقع الإلكترونيمن هنا
فيس بوكمن هنا
تويترمن هنا
البريد الإلكتروني[email protected]

الزواج هو الميثاق الغليظ الذي يجب على كلا الزوجين الالتزام بضوابطه حتى آخر رمق، فإن استحال العيش كان الفراق بالمعروف هو خير، وإلا كان للزوجة استخدام حقها المكفول شرعًا وقانونًا وهو الخلع لو كان دون علم زوجها.