ما هو حكم جلوس المطلقة مع طليقها؟ وما حكم من جامعت طليقها بعد انتهاء العدة؟ فبعد الطلاق يتعرض الطرفين إلى الكثير من الأمور التي تحتم عليهم الاطلاع على حكم الشرع والدين فيما قد حدث بينهم، سواءً بالاجتماع في مجلس به ناس، أو في خلوة أو بالجماع، وجميعها أمور واردة الحدوث أشارت إليها دار الإفتاء بردود وإجابات واضحة للجميع، ومن خلال موقع القمة سنعرض حُكم الدين في ذلك مع توضيح بما يمكن عرضه من أدلة شرعية في هذا الأمر.

حكم جلوس المطلقة مع طليقها

حكم جلوس المطلقة مع طليقها

تلقت دار الإفتاء الاستفسار المهم عن هذا الأمر، وأوضحت أن جلوس المرأة مع طليقها لا حرمانية به، ولا حرج على المرأة بذلك، سواءً كان لها أولاد أو ليس لها أولاد منه، واستدل الشيخ المُجيب عن هذا الأمر بالآية القرآنية:

قال تعالى: (وَلا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) [سورة البقرة، الآية 237].[1]

فلا مشكلة من الجلوس معه لأي سبب من الأسباب على شرط مُعين وهو عدم وجود خلوة، بل يجب عليها الالتزام بالجلوس معه بين عدد من الأشخاص، ولا بُد من وجود غيرهم من الحاضرين الذين لهم الدور في منعهم من الاختلاء ببعضهما البعض.

فقد أصبحت أجنبية عنه بعد قضاء شهور العدة، ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم من اختلاء الأجانب ببعضهم لأن الشيطان يكون ثالثهما، وذُكر ذلك في حديث صحيح لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

لا يخلُوَنَّ رجلٌ بامرأةٍ فإنَّ الشَّيطانَ ثالثُهما” [الراوي: عُمر بن الخطاب، المحدث: ابن عبد البر].

بُناءً على هذا الحديث فإذا كلمت المرأة الرجل بدون خلوة، سواءً من أجل السؤال عنه أو من جلب التحدث إليه في أي أمر من الأمور فيكون الحديث جائز لا مشكلة به، ولا حرج لها في ذلك.

اقرأ أيضًا: زوجتي تطلب الطلاق لأتفه الأسباب

هل يجوز للرجل التحدث مع طليقته على الموبايل

من بين الأحكام التي تحدثت بها دار الإفتاء بُناءً على استفسار أحد السائلين عن بوح الحديث مع الزوجة على النت أو على الهاتف، والحكم بها أشبه بما ذُكر في حكم جلوس المطلقة مع طليقها.

حيث أجاب الشيخ موضحًا أن الحديث مع الزوجة على الموبايل أو النت في شهور العدة مُباح، بل ومُباحًا له الحديث عن مدى حبه لها، ومدى وفائه لها، وتعلقه بها، فتكاد هذه الأمور تسمح له بالعودة إليها مرة أخرى وعدم الحاجة إلى الاستكمال في الطلاق.

أما في حال قد تعدت المرأة عدتها، فلا يجوز لها الحديث مع زوجها، ولا يجوز لكليهما التعبير عن حبهما لبعضهما البعض، فهي بذلك في حُكم الأجنبية، ولا بُد للرجل أن يتعامل معها في هذه الحالة معاملة الأجنبيات، أي لا يحدثها في خلوة، ولا يتحدث معها سوى في الضرورة القصوى.

الضرورة التي تُبيح التعامل بين الرجل والمرأة المطلقين هنا هي الأطفال، ففي حال وجود الأطفال يجوز له الحديث معها في أمور تتعلق بهم، وذلك من أجل الاطمئنان عليهم أو تلبية ما يحتاجون إليه من أشياء يتوجب عليه سدادها ومنحها لهم.

حكم عيش المرأة مع زوجها في العدة

يحق للمرأة العيش مع الزوج في شهور العدة، فقد تكون منفعة لهما، بل وتتيح لهم فرصة الرجوع مرة أخرى والتراجع في قرار الطلاق والانفصال التام بينهما.

الدليل الشرعي على جواز عيش المرأة مع زوجها في وقت العدة قوله تعالى:

(أسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى) [سورة الطلاق، الآية 6].

هذه الآية هي الدليل الشرعي الذي يؤكد السماح للمرأة بالعيش مع زوجها فترة العدة، على أن تكون هي الفترة التي تسمح لهم بالاجتماع مرة أخرى والبعد عن القرارات المتهورة التي قد تؤدي إلى ظلم الأطفال حال وجود الأطفال.

اقرأ أيضًا: ما هي اضرار الطلاق

حكم من عاشر مطلقته

يختلف الحكم في هذه الحالة بحسب موقف الطلاق ما إذا كان رجعيًا أو بائنًا، وفي توضيح حكم جلوس المطلقة مع طليقها يتبين حكم من عاشر طليقته.

فقد أوضحت دار الإفتاء إنه في حال المعاشرة الجنسية التي تكون بعد الطلاق البائن وفي الطلاق الرجعي بعد انتهاء شهور العدة يكون الرجل قد وقع في هذه الحالة بالزنا.

حيث تُحرم المرأة على زوجها بعد الطلاق البائن فورًا، وكذلك بعد انقضاء وقت العدة دون الرجوع له، وهنا يكون عليه الاستغفار والتوبة عما فعل، فإن الله تعالى أباح التوبة للجميع على كافة المعاصي، ويفتح بابه مهما كان الذنب عظيم.

قال تعالى في كتابه العزيز:

(وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) [سورة هود، الآية 114].

كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“اتَّقِ اللهَ حيثما كُنْتَ، وأتبِعِ السيِّئةَ الحَسَنةَ تَمْحُها، وخالِقِ الناسَ بخُلُقٍ حسَنٍ” [الراوي: أبو ذر الغفاري، المحدث: شعيب الأرناؤوط].

لذا يجب على من يرتكب ذنبًا مهما كان صغيرًا أو كبيرًا أن يعود إلى الله ويتوب له عما فعل ويستغفره كثيرًا ويمحي السيئة بالحسنة، وأن يتعهد أمام الله بالامتناع عن جميع المحرمات وأن يأتي بجميع واجباته تجاه الله من عبادات.

اقرأ أيضًا: متى تندم المطلقة على طلب الطلاق

أحكام عدة المطلقة

لإنهاء الجدل بالأمور التي تتعلق بالمرأة المطلقة في شهور العدة، والتي يجب عليها معرفتها جيدًا مثل السؤال عن حكم جلوس المطلقة مع طليقها هي الأحكام بشكل عام، ومن خلال ما يلي نوضح هذه الأحكام بالكامل كما ذكرتها دار الإفتاء لتنوه عنها لجميع المطلقات من أجل الالتزام بها:

  • تُحسب عدة المرأة من الوقت الذي ينطق بها الرجل بالطلاق لا من وقت حُكم المحكمة، وعليها ألا تخرج من منزلها، ولا تُخطب لأي رجل آخر حتى إتمام وقت العدة بالكامل، لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) [سورة الطلاق، الآية 1].
  • المطلقة الحامل فلا تنتهي عدتها إلا بوضع الحمل، وذلك استنادً إلى قوله تعالى: (وَأُولاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) [سورة الطلاق، الآية 4].
  • في حال كانت محيضة، فتنقضي عدتها بعد 3 حيضات، وذلك لقوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) [سورة البقرة، الآية 228].
  • إذا كانت المطلقة في سن اليأس أو صغيرة لم تبلغ تكون عدتها 3 أشهر، وذلك لقوله تعالى: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) [سورة الطلاق، الآية 4].

من بيان حكم جلوس المرأة المطلقة مع طليقها يتضح ما عليها من واجبات وما عليها من ضوابط يجب الالتزام بها في هذه الفترة، وكذلك تبينت كافة الأحكام التي عليه وقت العدة للالتزام بها.