هل يجوز الترحم على المنتحر ابن عثيمين؟ وهل المنتحر كافر؟ نظرًا إلى سماع الأخبار في الآونة الأخيرة حول حدوث العديد من حالات الانتحار، فيقوم البعض بطرح بعض التساؤلات حول ما إذا كان يجوز الترحم على المنتحر أم لا، وما هو حكم الانتحار في الإسلام، وغيرها من التساؤلات العديدة الأخرى التي نجيب عنها بالتفصيل اليوم من خلال موقع القمة.

هل يجوز الترحم على المنتحر ابن عثيمين

هل يجوز الترحم على المنتحر ابن عثيمين

نعم يجوز الترحم على المنتحر، فعلى الأهل والأقارب وعلى جميع من يعرفونه أن يدعوا له وتترحم عليه وتخرج عنه الصدقات كثيرًا، لعل الله يلطف به ويرحمه إن كان مسلمًا، ولكن إذا كان ليس مسلم لا يصلي أو يعبد القبول ويتعلق بالأموات ويستغيث بهم، ويستهزئ بالدين؛ فلا يُدعى له وهو ليس بمسلم في الظاهر وأمره إلى الله.[1]

هل المنتحر كافر؟

في صدد الإجابة عن سؤال هل يجوز الترحم على المنتحر ابن عثيمين، نجد أن الانتحار من أبشع الكبائر التي يقع بها المنتحر، وعند أهل السنة والجماعة المنتحر ليس شخصًا كافرًا، وذلك إذا كان مسلمًا وموحدًا بالله عز وجل، وانتحاره لفكرة مرض شديد أو جراحة خطيرة أو أي مشكلة تقع عليه لا يعتبر عذر.

فأولًا وأخيرًا سيؤثم على هذا الذنب العظيم، فهو منكر وكبيرة من الكبائر تدخل ضمن سائر المعاصي الذنوب التي ارتكبها الشخص في حياتها ويُحاسب على الانتحار بمخالفته لأمر الله تعالى بعدم قتل النفس، وإن شاء أعفى عنه وأدخله الجنة بإسلامه وتوحيده وإيمانه، ويخرجه الله من النار بعد التطهير والتمحيص؛ ليدخل الجنة بأمر الله عز وجل.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الترحم على غير المسلم ابن عثيمين

هل يجوز الصلاة على المنتحر؟

بعد الاطلاع على إجابة سؤال هل يجوز الترحم على المنتحر ابن عثيمين، وإذا كان الشخص الذي انتحر مسلمًا فيجوز الصلاة عليه سواء قتل نفسه أو قام أحد بقتله، حتى وإن كان المنتحر كان قد ارتكب جريمة كبيرة في حق نفسه.

فالمعصية التي قام بارتكابها لا تمنع من الصلاة عليه، حيث إن يتم الصلاة عليه بعد الغُسل والتكفين، ومن ثمَّ يتم دفنه في مقابر المسلمين.

المسلم لا يحق له أن يقوم بقتل نفسه، وقد حُرم على الناس قتل النفس، وذلك لقول الله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء:29]، كام جاء بخصوص هذه المسألة قول رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: “من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة” [حديث صحيح].

جاءت العديد من الأقاويل فيما يخص مسألة الصلاة على المنتحر لتأتي على النحو التالي:

  • قول ابن بطال: “أجمع الفقهاء وأهل السنة أن من قتل نفسه أنه لا يخرج بذلك عن الإسلام، وأنه يصلى عليه، وإثمه عليه كما قال مالك، ويدفن في مقابر المسلمين، ولم يكره الصلاة عليه إلا عمر بن عبد العزيز، والأوزاعي، في خاصة أنفسهما، والصواب قول الجماعة؛ لأن الرسول سن الصلاة على المسلمين، ولم يستثن منهم أحدًا، فيصلى على جميعهم الأخيار والأشرار إلا الشهداء الذين أكرمهم الله بالشهادة“.
  • قول الرملي: “(وغسله) أي الميت (وتكفينه والصلاة عليه) وحمله (ودفنه فرض كفاية) إجماعا؛ للأمر به في الأخبار الصحيحة، سواء ذلك في قتل نفسه أو غيره“.
  • جمهور الحنفية والمالكية والشافعية: ” أن المنتحر يصلى عليه؛ لأنه لم يخرج عن الإسلام بسبب قتله نفسه -كما تقدم-، ولما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “صلوا على من قال: لا إله إلا الله”. ولأن الغسل والصلاة متلازمان عند المالكية، فكل من وجب غسله وجبت الصلاة عليه، وكل من لم يجب غسله لا تجب الصلاة عليه“.
  • قول الحنابلة: “لا يصلي الإمام على من قتل نفسه عمدًا، ويصلي عليه سائر الناس.

هل المنتحر يخلد في جهنم

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:

من قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده، يجأ بها بطنه يوم القيامة في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بسم فسمه في يده، يتحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا” [حديث صحيح].

هذا الحديث يدل على شدة الوعيد الذي ينتظر من قتل نفسه، ويشير إلى أن الواجب على المسلم أن يحذر من قتل نفسه حتى لو اشتد عليه المرض أو اشتدت عليه الجروح، فيجب على العبد أن يتق الله في ذلك.

أما بالنسبة لقول خالدًا مُخلدًا فيها أبدًا؛ يحمل وجهين، الأول هو أن فيمن استحل قتل نفسه يكون كافرًا ويُخلد في النار، والثاني هو أن يكون الخلود خلود مؤقت ليس كخلود الكفار المخلد إلى أبد الأبدين والنهاية التي حدها الله، حيث إن خلود الكفار مُستمر ولا يخرجون منها أبدًا.

تأثير المرض النفسي على الانتحار

يتساءل البعض حول ما إذا كان المريض النفسي الذي انتحر عليه حرج أم لا، ونجد أن هذه المرض النفسي شأنه كشأن المجنون، ولا يُحاسب الله عز وجل؛ المجنون على أفعاله، وذلك لقول عائشة -رضي الله عنها-:

رفِع القَلمُ عن ثلاثةٍ: عن النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعن الصَّبي حتَّى يحتلِمَ، وعن المجنونِ حتَّى يَعقِلَ” حديث صحيح.

اقرأ أيضًا: حكم تعزية غير المسلم والترحم عليه وتسميته بالشهيد

الانتحار من الكبائر

يدخل الانتحار تحت بند الكبائر حيث إن يحرم الله عز وجل قتل النفس، ويحدث خلاف كبير بين الناس في تكفير المنتحر من عدمه، وعلى الرغم من أن الانتحار لا يُكفر المُسلم إلا أنه من الأمور المُسلم بها في الدين والمعروفة أنها من الكبائر والتي يجب تجنب الوقوع بها حيث إن عذابها عظيم، وذلك تبعًا لما جاء في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

مَن تَرَدَّى مِن جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَهو في نَارِ جَهَنَّمَ يَتَرَدَّى فيه خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَن تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَسُمُّهُ في يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَن قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ، فَحَدِيدَتُهُ في يَدِهِ يَجَأُ بِهَا في بَطْنِهِ في نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا.” [صحيح البخاري].

والحديث هنا يدل على أن قتل النفس من الأمور التي يكون جزائها النار، فإرهاق النفس أمر محرم تم الإشارة له في كتاب الله، وكذلك السنة النبوية، وفي كل ما ذكر هنا أو هنا لا يتم تفكير المنتحر ولكن اجتمع العلماء والفقهاء على الإثم الكبير للانتحار.

سؤال هل يجوز الترحم على المنتحر ابن عثيمين من الأسئلة الشائعة بين الناس لا سيما عند إيجاد أي حالة انتحار أو السماع عنها، وببساطة تكون الإجابة بنعم يجوز الترحم على المنتحر ما دام كان مُسلمًا، وإلا لم يكن مسلمًا فلا يجوز الترحم عليه.