هل يجوز الإفطار في صيام القضاء بسبب الجوع أو العطش؟ وما حكم الإفطار بسبب المرض؟ إذ يفكر المسلمون في العديد من المسائل الخاصة بالصيام لأنه من الفرائض الأساسية وأحد أركان الإسلام، لذا يخشون أن يغضب الله عليهم إن فعلوا شيء بغير ما يأمر به، ولذا نقدم من خلال موقع القمة كافة الأحكام الخاصة بصيام القضاء.

هل يجوز الإفطار في صيام القضاء بسبب الجوع أو العطش

إن الصيام له فضل كبير وعظيم عند الله لأن العبد يتحمل مشقة الصيام، والامتناع عن الأشياء المباحة مثل الطعام والعلاقة الزوجية امتثالًا لأوامر الله ونواهيه، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: “فِي الجَنَّةِ ثَمَانِيَةُ أبْوَابٍ، فِيهَا بَابٌ يُسَمَّى الرَّيَّانَ، لا يَدْخُلُهُ إلَّا الصَّائِمُونَ” [صحيح البخاري – الراوي: سهل بن سعد الساعدي].[1]

ولكن أحيانًا يتعرض المرء لظرف ما يضطره أن يفطر في أحد أيام الشهر الفضيل فيضطر لأن يقوم بقضاء هذا اليوم في وقت آخر، ويسأل الناس بخصوص ذلك هل يجوز الإفطار في صيام القضاء بسبب الجوع أو العطش؟

ابن قدامة يعتبر أن صيام القضاء سواء لرمضان أو نذر ما أو صيام كفارة فهو صوم واجب لا يجوز الخروج منه، وما دام المرء بدأ صيامه بإرادته فإنه يدخل منزلة الفرض.

ولأن الصوم ركن أساسي من أركان الإسلام فلا يجوز التهاون فيه بدون عذر لمجرد عطش أو جوع أو فقط للخوف من عدم إمكانية إتمام الصيام، فعلى المسلم أن يصبر ويصب الماء على رأسه لتبرد أو يتمضمض دون مبالغة.

كما أن الشيخ ابن عثيمين رأى أنه إن خاف المرء على نفسه من الهلاك نتيجة العطش، وليس لمجرد الشعور بالعطش بل للحد الذي يخشى منه الضرر فحينها يمكنه أن يفطر، وإن تعجل المرء قبل أن تكون هناك مشقة تجيز الفطر فيلزم التوبة والعهد بعدم تكرار الفعل.

ويؤكد ابن الباز على هذا الأمر فيرى أن الصائم في الفرض عليه أن يتحمل المشقة من جوع وعطش ويصبر، إلا في حال خشي الموت أو مرض بشدة استنادًا إلى قوله تعالى: {…وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ۗ…} [سورة الأنعام: 119].

اقرأ أيضًا: هل يجوز خروج المطلقة في العدة

الإفطار في صيام القضاء بعذر

الإفطار في صيام القضاء بعذر

بعد شرح هل يجوز الإفطار في صيام القضاء بسبب الجوع أو العطش عند جمهور العلماء من الضروري توضيح حكم الإفطار في صيام القضاء بعذر، حيث إنه في رأي الحنفية لا يجوز الإفطار في أيام القضاء بغير عذر شرعي يمنع القضاء، ومن أهم هذه الأعذار الشرعية هو الحيض للنساء وحتى الإرضاع والحمل كما نوضح من الدلائل التالية:

  • ورد عن عائشة زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم أنها قالت: “كانَ يُصِيبُنَا ذلكَ، فَنُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّوْمِ، ولَا نُؤْمَرُ بقَضَاءِ الصَّلَاةِ” [صحيح مسلم – الراوي: عائشة أم المؤمنين].[2]
  • ورد في حديث نبوي شريف “وَضَعَ عنِ المُسافِرِ شَطرَ الصَّلاةِ، وعنِ الحامِلِ، والمُرضِعِ الصَّومَ أوِ الصِّيامَ” [تخريج شرح السنة – الراوي: أنس بن مالك الكعبي القشيري].
  • أيضًا من الأحاديث التي وردت عن النبي وتؤكد أنه يصح للحامل والمرضعة أن تفطر قول النبي صلى الله عليه وسلم:والحُبلى والمرضعُ إذا خافتا على أولادِهما أفطرتا وأطعمتَا” [إرواء الغليل – الراوي: سعيد بن جبير].

هل يُجيز المرض الإفطار في صيام القضاء

في إطار تناول إجابة هل يجوز الإفطار في صيام القضاء بسبب الجوع أو العطش، وجدنا التساؤل حول الإفطار لشدة المرض، إذ إن البعض يعانون من هبوط مفاجئ في الدورة الدموية أو غيبوبة سكر أي أمر يعرضهم للهلاك إن لم يتم إسعافهم بشكل سريع.

والحقيقة أن الله حين فرض الصيام شرع بعض الأمور لجعله محتملًا بالنسبة للمسلمين مثل إمكانية الإفطار والقضاء في وقت لاحق للمريض والمسافر، كما جاء في قوله تعالى:

{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ۗ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)} [سورة البقرة].

أما بالنسبة للأشخاص الذين لا يسعهم الصيام بشكل مطلق أو لا يرجى شفاؤهم فيمكنهم تقديم فدية أو إطعام 60 مسكين، لتجنب المشقة والامتثال لأمر الله في استخدام الرخصة التي منحها للعباد، كما ورد في قوله تعالى: {…وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [سورة النساء: 29]

إذن فحين يشعر الإنسان بالمرض الشديد الذي يمنعه من القدرة على إتمام الصيام فيمكنه الإفطار وقضاء اليوم في وقت آخر، اتباعًا لقول الله في كتابه العزيز: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [سورة البقرة: 195]

الإفطار في صيام القضاء سهوًا

بعد أن أجبنا هل يجوز الإفطار في صيام القضاء بسبب الجوع أو العطش، جاء دور من أفطر سهوًا في قضاء صيام، ومن المعلوم أن صوم القضاء بمنزلة الصوم في الشهر الكريم نفسه وله نفس أحكامه، فإن أفطر المرء ناسيًا فقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم:

“مَن أكَلَ ناسِيًا وهو صائِمٌ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ؛ فإنَّما أطْعَمَهُ اللَّهُ وسَقاهُ” [ٍصحيح البخاري – الراوي: أبو هريرة]، فإن قام الشخص بإتمام الصيام برئت ذمته من القضاء أما إن أفطر بقية اليوم فعليه قضاؤه.

اقرأ أيضًا: هل يجوز الحلق قبل ذبح الأضحية

رأي الفقهاء في الإفطار في صيام النافلة

خلال البحث عن هل يجوز الإفطار في صيام القضاء بسبب الجوع أو العطش، كُثرت الأسئلة حول الصائم المتطوع الذي يصوم الاثنين والخميس أو عاشوراء وغيرها من سنن أخذناها من النبي صلى الله عليه وسلم، والحق أن العلماء أجمعوا على أن صوم النافلة له الفطر، ولكن من المستحب ألا يفطر إلا لأسباب شرعية، وذلك بالدلائل الآتية:

  • ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحق للصائم في النوافل أن يفطر أو يصوم كما يشاء لأنه أمر تطوعي “الصائِمُ الْمُتطَوِّعُ أمَيرُ نفسِهِ، إنْ شاءَ صامَ، وإِنْ شاءَ أفْطَرَ” [الجامع الصغير – الراوي: فاختة بنت أبي طالب أم هانئ].
  • صدر عن زوجة النبي عائشة حديث تؤكد فيه ذلك إذ تقول: “أُهدِيَ لحَفْصةَ طعامٌ وكُنَّا صائِمَتَينِ فأفطَرْنا، ثمَّ دخل رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلْنا: يا رَسولَ اللهِ، إنَّا أُهدِيَت لنا هَدِيَّةٌ واشتَهَيناها فأفطَرْنا، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لا عليكما، صُومَا مكانَه يومًا آخَرَ” [فتح الغفار – الراوي: عائشة أم المؤمنين].
  • كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يبيت نية لصيام التطوع، مما يعني أن له أن يفطر أو يصوم حسب الظرف كما ورد في الحديث الشريف: “كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يأتينِي فيقولُ: أَعندَكِ غَدَاءٌ؟ فأقولُ: لا، فيقولُ: إنِّي صائِمٌ، قالتْ: فَأتاني يومًا، فقلْتُ: يا رسولَ اللهِ! إنَّهُ قد أُهْدِيَتْ لَنا هَدِيَّةٌ، قال: وما هيَ؟ قلْتُ: حَيْسٌ. قال: أما إنِّي أصبحْتُ صائمًا” [مختصر الشمائل – الراوي: عائشة أم المؤمنين].

الإفطار في صيام القضاء من الأمور التي يجب التأكد من أحكامها من أجل تجنب الوقوع في إثم دون دراية أو علم.