هل يجوز شرب الماء بعد الأذان الأول؟ وما الفارق بين الفجر الكاذب والصادق؟ يجتهد المسلمين في العبادات في شهر رمضان، مما يجعلهم يخشون فعل أي شيء يفسد هذه الطاعة ويضيع ثوابها، لذلك تكثر الأسئلة حول الأحكام الشرعية المتعلقة بالصيام مع اقتراب الشهر الفضيل، ونجيب من خلال موقع القمة على هذه الأسئلة.

هل يجوز شرب الماء بعد الأذان الأول

هل يجوز شرب الماء بعد الأذان الأول

إن عباد الله المؤمنين يتقون الله في كل شيء إذ إنهم يوهبون الثواب في تحمل مشقة الصيام والقيام لله، لذلك يقلقهم التفكير في التفاصيل الدقيقة الخاصة بالصيام لئلا يرتكبون إثم دون دراية، لذا يسألون هل يجوز شرب الماء بعد الأذان الأول؟[1]

وقد وضح المشايخ أنه إن كان الأكل بعد طلوع الفجر الصادق وكان الفعل متعمد، فإن الصيام لا يصح ويجب أن يمسك عن الطعام بقية اليوم لحرمة الوقت، ولكن يلزمه أن يقضي اليوم بعد انقضاء شهر رمضان.

أما إذا كان الأذان الأول قبل طلوع الفجر فلا مشكلة في هذا الأمر، ولا حرج في الأكل أو الشراب بعد الأذان الأول والذي يكون قبل طلوع الفجر.

اقرأ أيضًا: الفرق بين صلاة الفجر وصلاة الصبح

قول الفقهاء في حكم شرب الماء بعد الأذان الأول

لأن الصيام فريضة على كل مسلم بالغ عاقل فمن اللازم أن نعرف هل يجوز شرب الماء بعد الأذان الأول؟ كي يكون المرء مطمئن القلب وهو يتقي الشبهات ويتجنب أي فعل يغضب الرب، وفيما يلي نعرض رأي الفقهاء في هذه المسألة:

1- ابن الباز

يرى ابن الباز أنه في حال كان الصائم لا يعرف الأذان على الصبح، كما أن الأذان يكون على التحري بالساعة والتقويم، فلا مشكلة أن يشرب المرء أو يأكل اللقمة التي في يده إذ إن ابن الباز قال ” الأذان يخبر عن الصبح، مظنة الصبح، ليس براءي للصبح وإنما يخبر عما عرفه بالساعة أو بالتقويم “.

أي أن هناك احتمالية بطلوع الفجر أو عدمه وقد أمر الله بالإمساك بالتبين، ويلزم أن يقوم المؤمن بالاحتياط وينهي السحور قبل الفجر كي يتجنب الشبهة، وفي حال أنه تناول شيء يسير مع الأذان أو شرب عند الأذان فإنه لا حرج عليه إذ إنه لم يدري أن الصبح طلع أم لا.

كما أن الآية القرآنية الكريمة نصت على ذلك إذ يقول الله تبارك وتعالى:

{…وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ…} [سورة البقرة :187]

2- الإمام النووي

يقول النووي رحمه الله في الرد على هل يجوز شرب الماء بعد الأذان الأول؟ فإنه إن طلع الفجر فعلى المرء المسلم أن يبصقه ويبدأ الصيام، وفي حال أنه بلعه بعد قدوم الفجر فصيامه باطل ولا جدال في هذا الأمر، وذلك بالاستناد على حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم:

 “ إنَّ ابنَ أمِّ مَكْتومٍ يؤذِّنَ بلَيلٍ، فَكُلوا واشرَبوا حتَّى يؤذِّنَ بلالٌ [السنن الكبرى للبيهقي – الراوي: عائشة أم المؤمنين].

دلائل جمهور العلماء في جواز شرب الماء بعد الأذان

أكد الأئمة الأربعة وعامة الفقهاء أن على المرء المسلم أن يمتنع عن السحور مع طلوع الفجر بالاستدلال على الحديث الشريف الذي يقول:

قُلتُ لِعائِشةَ، أُمِّ المُؤمِنينَ: أيَّ ساعةٍ تُوتِرينَ؟ قالت: ما أُوتِرُ حتى يُؤَذِّنوا، وما يُؤَذِّنونَ حتى يَطلُعَ الفَجرُ. قالتْ: وكان لِرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُؤَذِّنانِ: بِلالٌ، وعَمْرُو ابنُ أُمِّ مَكتومٍ. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إذا أذَّنَ عَمْرٌو فكُلوا واشرَبوا؛ فإنَّهُ رَجُلٌ ضَريرُ البَصَرِ، وإذا أذَّنَ بِلالٌ فارْفَعوا أيديَكم؛ فإنَّ بِلالًا لا يُؤَذِّنُ -كذا قال- حتى يُصبِحَ” [تخريج المسند لشعيب – الراوي: عائشة أم المؤمنين].

كما أنه ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث شريف:

لا يَمنعنَّ أحدَكم أذانُ بلالٍ مِنْ سَحورِه فإنه إنما يُنادي أو قال يؤذِّنُ ليُرجِعَ قائمَكم ويُنَبِّه نائمَكم ليس أنْ يقولَ هكذا ولكنْ حتى يقولَ هكذا وضمَّ ابنُ أبي عَدِيٍّ أبو عمرٍو أصابعَه وصوَّبها وفتح ما بينَ إصبعيه السبابتين يعني الفجرَ“. [تخريج المسند لشاكر – الراوي: عبد الله بن مسعود].

ويمكن أيضًا الاستدلال على ذلك بحديث روي عن أبي هريرة:

إذا سَمِع أحدُكم النِّداءَ والإناءُ على يدِه، فلا يَضَعْه حتى يَقضيَ حاجتَه منه” [تخريج سنن أبي داود – الراوي: أبو هريرة].

اقرأ أيضًا: كيفية صلاة سنة الفجر بالتفصيل وثوابها

ما الفجر الكاذب والفجر الصادق

بعد الاستفاضة في شرح جواب هل يجوز شرب الماء بعد الأذان الأول؟ من الضروري توضيح الفارق بين الفجر الصادق والكاذب، والذي يشرحه النووي رحمه الله بأن الفجر الكاذب يدعى الفجر الأول وإمارته كما قال “يطلع مستطيلا كذنب السرحان -وهو الذئب- ثم يغيب”

لكن الفجر الصادق سمته الظهور بالأفق والانتشار يتعاظم ضوؤه إلى أن تطلع الشمس، وقد ورد في حديث شريف للرسول صلى الله عليه وسلم:

الفجرُ فجرانِ، فجرٌ يحرُمُ فيها الطعامُ وتحلُّ فيه الصلاةُ وفجرٌ تحرُمُ فيه الصلاةُ ويحلُّ فيه الطعامُ” [السلسلة الصحيحة – الراوي: عبد الله بن عباس].

من اللازم التعرف على أحكام الصيام كيلا يرتكب المسلم إثم ما دون أن يدري، حيث إن الله حين فرض الصيام على المسلمين جعله، لتهذيب النفس بالبعد عن المعاصي ومراعاة الله في كل المواقف والظروف.