هل يجوز زواج المسلم من مسيحية؟ وهل يوجد شروط لذلك الزواج؟ هذه الحالة من الزواج تعد من أكثر الأمور الشائكة التي يتساءل العديد من الأشخاص بشأنها، حيث يرغب بعض من المسلمين في الزواج من امرأة مسيحية ويرغبون في معرفة مدى جواز ذلك وما هي شروطه، لذلك نتعرف عليه بشكل مفصل من خلال موقع القمة.

هل يجوز زواج المسلم من مسيحية

لقد اتجه جمهور الفقهاء إلى إجازة نكاح المرأة الكتابية سواء أكانت مسيحية أو يهودية من مسلم، حيث إنهم لا يحرمون ما أحل الله من خلال نص قاطع ودليل حاسم على الرغم من وجود توجه عام إلى عدم استحباب هذا لعلة ظاهرة.[1]

لكن في حال كانت المرأة مشركة يكون أقوى وأحكم، حيث إن المشركة لا يوجد لديها أي رادع أو مصدر ديني تعود إليه ليمنعها عن الخطأ.

أما بالنسبة للمرأة الكتابية فلديها في تعاليم الدين ما يدعو إلى الفضائل المتعددة ويحميها من الزلل والخطايا، مثل الأمانة والصدق بالإضافة إلى حسن العشرة والمعاملة، كما يمنعها الدين عن الخيانة والكذب وكره كل ما يحرض عليها، حيث إن هذه المبادئ الحسنة من الممكن الاحتكام إليها والاطمئنان كذلك من جانبها في حال أحسن الزوج الاختيار.

اقرأ أيضًا: هل يجوز للمرأة أكل حبوب منع الدورة في رمضان

ما هي شروط زواج المسلم من مسيحية

ما هي شروط زواج المسلم من مسيحية

بعد التعرف على إجابة هل يجوز زواج المسلم من مسيحية، فلا بد من التعرف على الشروط الخاصة بزواج المسلم من مسيحية، حيث شرع الله عز وجل زواج الرجل المسلم من نساء أهل الكتاب مع تحريم ذلك على المرأة المسلمة، نظرًا إلى أن أساسيات التشريعات الإسلامية قائمة على الحكمة.

بالإضافة إلى تحقيق المصلحة لكافة الأطراف مع اشتراط بعض الشروط في زواج المسلم من أهل الكتاب وبالتحديد من المرأة المسيحية والتي تتمثل أهمها فيما يلي:

1- التأكد من أن المرأة كتابية

لقد أحل الله سبحانه وتعالى للرجل المسلم الزواج من المرأة غير المسلمة مع اشتراط كونها من أهل الكتاب سواء أكانت مسيحية أو يهودية.

فمن أهم الأدلة على ذلك قوله عز وجل في كتابه العزيز {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ ۖ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ۖ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ} [المائدة: 5].

حيث إن الذين أوتوا الكتاب من قبلهم من اليهود والنصارى، لذلك جعل الله بهذا تشريعًا قائمًا من شأنه أن يبيح للمسلم أن يتزوج من المسيحية من غير دينه، في حال تأكد وتحقق من أنها بالفعل كتابية وليست مشركة.

نظرًا لعدم جواز نكاحه للملل الأخرى التي تناقض الدين الإسلامي وتقوم على معارضة عقائد الإسلام والمسلمين الصحيحة والثابتة في شرع الله عز وجل.

2- التأكد من أن تكون محصنة عفيفة

حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُم} [المائدة: 5]، حيث لا يجوز الزواج من الكتابية المسيحية إلا إذا كانت محصنة وعفيفة، كما تم تسميتها بالمحصنة نظرًا لأنها تتحصن من الفاحشة، مما يجعل بينهما حصنًا قويًا.

حيث إن المراة التي تدعو إلى الفاحشة أو تُعرف بها، فلا يجوز للرجل المسلم أن يتزوج منها، حتى ولو كان لديه الرغبة في هدايتها أو أن يقوم بمنعها وبعدها من خلال الزواج عن الحرام، كما هو الأمر بالنسبة للمرأة المسلمة.

حيث يجب أن تكون هي الأخرى محصنة وعفيفة، بالإضافة إلى أن الرجل المسلم أيضًا لا بد أن يكون حصنًا وعفيفًا حتى يتم القبول به كزوج.

3- غير معادية للإسلام

من الجدير بالذكر في أمر هل يجوز زواج المسلم من مسيحية، أنه أحد أهم شروط جواز زواج الرجل المسلم من المرأة المسيحية هو ألا تكون معادية للدين الإسلامي بأي شكل من الأشكال أو مسيئة للدين الإسلامي، أو للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.

حيث يجب ألا تؤثر بذلك على دين زوجها أو معتقداته أو تؤدي إلى فساد دين أولادها أيضًا، وفي حال كان المسلم خائفًا على دينه من الأفضل له أن يتراجع عن تلك الخطوة، حيث إن النهي في أغلب الأحيان يلحق بالمسلمة الفاسقة، فكيف باليهودية أو النصرانية التي تعادي الدين الإسلامي وشرائعه.

4- اكتمال أركان عقد الزواج

في ظل التعرف على إجابة هل يجوز زواج المسلم من مسيحية، فلا بد التنويه أنه لا يوجد شك في أن أركان عقد الزواج لا تخرج عن أركان كل عقد آخر، ولا بد من اكتمالها حتى يكون العقد حينها صحيحًا ومكتملًا، وتتمثل أركان عقد الزواج فيما يلي:

  • العاقدان: وهما الزوج والزوجة أو من ينوب عنهم من ولي الزوجة أو الزوجة نفسها، حيث يمكن جواز تولية المرأة نفسها في عقد الزواج.
  • المعقود عليه: والمقصود به هو مضمون العقد أو ما يشتمل عليه، حيث يجب أن يكون خاليًا مما يحرم زواجهما مع اشتراط رضا الطرفين.
  • الصيغة: التي هي الإيجاب والقبول والتي تتلخص في جملتي “زوجتك ابنتي…..قبلت” وكل ما يحب محلهما.

ما هي آثار زواج المسلم من امرأة على غير دينه

توجد بعض الآثار التي من الممكن أن تنتج عن زواج المسلم من المرأة غير المسلمة والتي تتمثل فيما يلي:

1- تكثر العنوسة بين بنات المسلمين

حيث ورد في الأثر أن عمر بن الخطاب بعث إلى حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما كتاباً يطلب فيه إخلاء سبيل زوجته اليهودية، فسأله حذيفة إن كان فعله حراماً، فكان جواب عمر -رضي الله عنه-…

… أنه يخاف من أن يعم وينتشر بين المسلمين زواج نساء أهل الذمة لحسنهنّ؛ فتكون الفتنة للمسلمات بتركهنّ بلا زواج، وإكثار نسب العنوسة بينهنّ، وهذا قد يلحق الضرر بالمجتمع الإسلامي. (وهبة الزحيلي، الفقه الإسلامي وأدلته، صفحة 6655. بتصرّف).

2- عدم تمكن المسلم من الولاية

يرجى العلم باتفاق العلماء على جواز أمر الزوج لزوجته الكتابية بما هو مبارك لديها، أو ما يراه هو واجب، ولكن تأتي هنا مسألة الخلاف في أمرها بما هو واجب عليها من خلال تعاليم دينها المختلفة، والتي من الممكن أن تكون مخالفة للدين الإسلامي مثل أكل لحم الخنزير أو شرب الخمر.

كما رأى الجمهور من الفقهاء بأحقية الزوج في منعها من ذلك، وهذا قياسًا على الزوجة المسلمة التي من الممكن أن يمنعها زوجها من أكل الثوم أو البصل مثلًا نظرًا لكرهه لرائحتهما، وعلى هذا النحو يجب على الزوج أن يحرص على الاتفاق مع زوجته الكتابية منذ بداية الزواج على قوامته في البيت وعلى عدم قيامها بمنازعته إياها.

اقرأ أيضًا: هل يجوز للمرأة لبس الخاتم في العمرة

3- موضع يخاف المسلم فيه على ولده

بعد التعرف على إجابة هل يجوز زواج المسلم من مسيحية، فلا بد من التنويه على أن زواج المسلم من امرأة من دين غير دينه من الممكن أن يكون له تأثير على عقيدة الأبناء، وعلى سلامة دينهم كذلك.

خاصةً في حال تم وقوع الطلاق حيث تحكم حينها المحكمة بحضانة الأولاد للزوجة، وبهذا يكون التأثير أقوى وأسهل ومن الممكن أحيانًا أن يتحولوا عن دينهم الإسلامي من أبيهم.

إن الزواج أحد أهم الأمور وأكثرها شمولًا على العديد من الضوابط والقواعد في الدين الإسلامي من الكتاب والسنة النبوية، لذلك فقد أحل الله عز وجل زواج الرجل المسلم من المرأة المسيحية مع بعض الشروط والضوابط اللازمة.