كيف تؤدب من أساء إليك؟ وهل رد الإساءة بالإحسان هو أفضل حل؟ حيث يشعر بعض من الأشخاص بالحيرة تجاه من أساء إليهم، أيحق لهم في هذه الحالة رد الإساءة بمثلها؟ أم يجب كظم الغيظ والمحاولة قدر المستطاع الرد عليها بالإحسان؟ فمن خلال موقع القمة سنتناول هذا الموضوع المهم لتوضيح ما يُملى على الشخص القيام به في هذه الحالة.

كيف تؤدب من أساء إليك

كيف تؤدب من أساء إليك

جميعنا يعلم أنه عند الله تجتمع الخصوم، فما معنى أن يؤدب الشخص أخاه لمجرد الإساءة إليه؟ نعلم جيدًا أن الشخص المسيء يجبر من أمامه على اتخاذ ردود أفعال قد تكون على عكس طباعه التي يعتاد عليها والتي نشأ وترعرع عليها.

ولكن التأديب هُنا يعني ما يكون على من تلقى الإساءة القيام به من أجل التأثير على من أساء إليه، وما يمكننا قوله هنا أن أفضل رد في هذه الحالة هو العفو والصفح.

فالخيار الأكرم للمُسلم في هذه الحالة الصفح لمن أساء إليه، حينها يكون التأديب على شكل تعليم ونشر الصفات الطيبة التي حثّنا عليها الدين الإسلامي، والتي يجب أن تكون موجودة في كل مسلم، وبالتالي يفيق من أساء من غفلته، وفي الصفح يتعلم أنه أفضل ما يجب القيام به.

قال الله تعالى في كتابه العزيز، بسم الله الرحمن الرحيم:

(فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) صدق الله العظيم [سورة الشورى ـ الآية 40].

في هذه الآية يُعلمنا الله سبحانه وتعالى القيم التي يجب علينا الالتزام بها، والتي نستطيع من خلالها أن نؤدب كل من يُسئ إلينا، والأجر الذي ينتظرنا بعد ذلك عند الله.

ففي العفو والصفح جزاء عظيم عند الله، وهو من سيتولى أمرنا ويجعلنا في سعادة دائمة، وسياتي حقنا حتمًا لا محالة، لذا يجب علينا الامتثال بما أشار إلينا الله به في كتابه العظيم.

اقرأ أيضًا: فن الرد على الاهانة كيف ارد على الاهانة

طريقة التعامل مع الشخص المسيء

في ذِكر الإجابة عن كيف تؤدب من أساء إليك يُمكننا توضيح الطرق التي يمكن من خلالها التعامل مع الشخص المسيء بشكل لا يؤثر على حالتنا النفسية بالسوء، ومن خلال ما يلي نوضح هذه الطرق:

1- تجنبه قدر المستطاع

في حال ملاحظة أنك تؤذى من إساءة شخص ما بشكل مستمر فلا بُد لك من تجنب التعامل معه قدر المستطاع، وفي هذا التجنب سيلاحظ الشخص مدى الأذى النفسي الواقع عليك ناتج إساءته وقد يساعده ذلك في الكف عن الإساءة.

2- وضع النفس في الأولوية

يجب على كل إنسان الاعتزاز بنفسه بالشكل الذي يجعله واضعًا لها في الأولوية، ففي الاعتزاز بالنفس يستطيع الإنسان الوصول إلى قمة الاحترام من نفسه، ومن حوله، ويستطيع الإنسان رد اعتباره دون أن يُسيء إلى أي شخص.

فضع نفسك دائمًا في المقدمة، وبعد إرضائها يمكنك السعي نحو إرضاء من حولك، فلبي احتياجاتك من رؤية نفسك في صورة محترمة، والجميع مُجبر على احترامك، فحينها تستطيع تجاهل أي شخص بتسبب لك في الأذى وذلك إن حدث.

3- لا تنصح المسيء

الشخص المسيء من أكثر الأشخاص المؤذية عن عمد، فهو من بين أكثر الأشخاص إدراكًا للأذى النفسي الذي يتسبب به لمن حوله، ولكن على الرغم من ذلك إلا أنه يستمر في الأذى.

فليست نصيحتك وإرشاداتك له هي المُنجد مما هو عليه، فلا تحاول الإصلاح من سلوكه الوضيع، واتركه لنفسه عسى الله أن يفيقه لما هو عليه عندما يجد نفسه بمفرده بين الجميع ومنبوذًا ناتج سلوكه الغير مقبول، والذي لا يمُت للإسلام وتعاليمه بأي صلة.

4- لا تلوم نفسك

لوم النفس في هذه الحالات ينتج عن الإساءة التي يتم تلقيها من الجميع، حيث يرهق الإنسان المتلقي لإساءة من أمامه في التفكير بالكثير من الأشياء، هل أنا شخص سيئ بالفعل؟ قد يكون الخطأ الذي ارتكبته كبير وبالتالي أستحق هذه الإساءة؟ لمَ يعاملني الناس هكذا بكل تأكيد أن شخص سيء.

والكثير من العبارات الأخرى التي يحدث بها نفسه والتي قد تأخذ به في النهاية إلى كراهية النفس، فلا تترك الفرصة لمن حولك بإيصالك إلى هذا الحد من كراهية النفس أو التفكير بهذه السلبية، ومهما كنت شخص سيء فلا يحق لأي شخص الإساءة إليك، القبح والجمال لأنفسنا في النهاية ولا يحق لأي شخص محاسبتنا على سلوكياتنا سوى الله، فرجاءً لا تلوم نفسك مهما كنت مُخطئًا.

5- التحلي بالثقة في النفس

أهم ما يجب أن يكون عليه الإنسان الذي يواجه إساءة ممن حوله هو الثقة بالنفس، فكلما كان شخصًا واثقًا من نفسه بكل تأكيد لن تؤثر به هذه الإساءة، بل وسيتمكن من ردها بشكل سهل وبسيط، ولن تأخذ منه وقت طويل في التفكير، وسيكون سريع في معالجة أموره السيئة التي يتعرض لها.

اقرأ أيضًا: ما هو الرد على كلمة لاهنت

وسائل تساعد على ترك الإساءة

بعضنا يرى أن مقابلة الإساءة بالإحسان أمر يفوق قدرة التحمل، وليس من السهل على أي شخص القيام به، والتبرير في هذه الحالة يكون (لكل إنسان طاقة)، ولكن في حقيقة الأمر الموقف الذي يكون عليه ما هو إلا اختبار من الله ـ عزَّ وجلَّ ـ إما أن يلتزم المسلم به بما حثّه عليه الدين الإسلامي أو يسقط في الاختبار ويُرضي نفسه على حساب تجاهل تعاليم دينه.

لكن ولكون النفس ضعيفة نعرض بعض الوسائل التي يمكن أن تُعيننا جميعًا على تحمل الإساءة ومقابلتها بالإحسان، وذلك بموجب الرد على كيف تؤدب من أساء إليك:

  • التزم الاستغفار كثيرًا قدر المستطاع، فهو من أكثر الأشياء التي ستساعدك في التخلص من الضغط النفسي.
  • تأكد أن ترك الإساءة يقوي النفس ويريح القلب، ولا بُد من تكرار هذه الكلمات داخلك واملأ بها قلبك لتكون أكثر تسامحًا.
  • لا تأمل بمن حولك الخير الذي قد يفوق التوقع، وتوقع الإساءة من أي شخص، فحينها تستطيع التصرف في الأمر بعقلانية وهدوء.
  • أحسن الظن بالله سبحانه وتعالى، وتأكد أنه قادر على جلب الحق ما دام المسلم قد التزم بما أمره به.

الرد على كيف تؤدب من أساء إليك أتاح لنا فرصة الحديث عن أفضل صفة في صفات المُسلم وهي الإحسان، والتي إذا التزمنا بها جميعًا لطابت النفوس وهدأ روعنا، وزادت قوتنا في تحمل الصعاب.