حكم تربية الطيور والحيوانات في أقفاص وداخل البيوت يهتم بالعلم به الأشخاص المحبين للحيوانات والذين يرغبون في تربيتها واستئناسها، ولكن يريدون أن يتأكدوا أن هذه الحيوانات لا تحملهم وزر أو إثم لحبسها، ومن خلال موقع القمة نعرض وجهة نظر كبار المشايخ والفقهاء في هذه المسألة.

حكم تربية الطيور والحيوانات في أقفاص وداخل البيوت

إن الله خلق الحيوانات أشكال وأنواع متنوعة بعضها قوي وضخم، وبعضها الآخر صغير وضعيف، وقد أمرنا الله بتأمل هذه الكائنات ولتكوين تصور عن عظمة الخالق الذي أبدع صنع هذه المخلوقات، كما جاء في قوله تعالى {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ}[سورة الغاشية: 17].[1]

كما أنه سبحانه وتعالى سخر معظم هذه الحيوانات لنا لكي تسهل حياة الإنسان، كما جاء في قوله عز وجل: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[سورة النحل: 8].

وحين ينظر الإنسان بتمعن إلى هذه المخلوقات مثل الطيور التي تغرد بأشجى الألحان وتتميز بألوان وأشكال مبهجة، فإنه يحمد الله ويمتن له على النعم التي يرزقه بها دون حول ولا قوة، لذا يسأل عن حكم تربية الطيور والحيوانات في أقفاص وداخل البيوت.

وقد أكد الأمام ابن باز أنه لا بأس في تربية الطيور مثل الحمام والبغبغاء وغيرهم من طيور للزينة، أو طيور يمكن أن ينتفع بها أهل البيت في حال داوموا على الإحسان لها بالطعام والشراب ولم يظلموها

قال الحافظ ابن حجر أنه يمكن إنفاق المال في الأمور البسيطة التي يلهو بها الإنسان مادامت في إطار المباح، ويمكن حبس الطير في قفص لأن هناك من القصص التي وردت عن النبي ما يؤكد أنه كان عطوفًا على الحيوان ويسمح للصحابة بمؤانسته.

بينما وجد بعض العلماء كراهة في حبس الطيور والأسماك في أحواض وأقفاص ضيقة ليست في سعة النهر والسماء، إذ إن مكان الحيوان في بيئته الطبيعية حيث يكون حر طليق كما خلقه الله على الفطرة.

مع العلم أن الكره من بعض العلماء جاء نتيجة التقصير والإيذاء في حال نسى الشخص إطعام الحيوان وكان يلهو بتعذيبه، والكراهة لا تغني عن المعصية لأن المعصية تستوجب عقاب أما المكروه فلا يستوجب.

اقرأ أيضًا: حكم النذر في هذا المثال نذر علي أن أصوم كل خميس

شروط اقتناء وبيع الطيور والأسماك

في سياق الحديث حول حكم تربية الطيور والحيوانات في أقفاص وداخل البيوت، فمن اللازم توضيح أن الله جميل ويحب الجمال والإنسان بطبيعته يحب التزين ويحب أن يحتفظ بالأشياء الجميلة ويقتنيها، وبعض أنواع الطيور والأسماك من هذه الزينة لذلك فإن الإسلام سمح باقتناء بعض هذه الأنواع والاحتفاظ بها، لأن الهدف من التعاليم الدينية هو تهذيب الروح الإنسانية وتوجيهها للخير والحق وليس حرمانها وقمعها، لذا فقد وضح العلماء شروط لهذا الأمر كما يلي:

  • يلزم ألا يكون الهدف من اقتنائها هو التفاخر والخيلاء كعادة الأغنياء المنعمين مع العلم أن الله مطلع بصير على النوايا.[2]
  • ينبغي ألا يكون هذا الحيوان سبيل لضياع الوقت وإهمال العبادات والمسؤوليات.
  • يجب أن يحافظ على الطائر ويمنحه الطعام والشراب والرعاية التي يحتاجها.

اقرأ أيضًا: حكم الشك في عدد السجدات للموسوس

حكم الإساءة للحيوان في الإسلام

في ظل الحديث عن حكم تربية الطيور والحيوانات في أقفاص وداخل البيوت، فإنه من الضروري أن نوضح أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان من أكثر الناس عطفًا على الإنسان والحيوان، حتى أن جذع شجرة كان يستند عليه بكى لفراق خير المرسلين، وفيما يلي نعرض بعض المواقف من حياة النبي صلى الله عليه وسلم:

  • نهي الرسول عن تعذيب الحيوانات وشدد على ذلك في عدة مواضع إذ قال في حديث شريف: “عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ في هِرَّةٍ سَجَنَتْها حتَّى ماتَتْ، فَدَخَلَتْ فيها النَّارَ، لا هي أطْعَمَتْها ولا سَقَتْها، إذْ حَبَسَتْها، ولا هي تَرَكَتْها تَأْكُلُ مِن خَشاشِ الأرْضِ” [المصدر: صحيح البخاري- الراوي: عبد الله بن عمر].
  • إن محمد صلى الله عليه وسلم نهى عن التصويب على الحيوان للتسلية سواء كان حي أو ميت، كما جاء في الحديث الشريف “مَرَّ ابنُ عُمَرَ بفِتْيَانٍ مِن قُرَيْشٍ قدْ نَصَبُوا طَيْرًا، وَهُمْ يَرْمُونَهُ، وَقَدْ جَعَلُوا لِصَاحِبِ الطَّيْرِ كُلَّ خَاطِئَةٍ مِن نَبْلِهِمْ، فَلَمَّا رَأَوْا ابْنَ عُمَرَ تَفَرَّقُوا، فَقالَ ابنُ عُمَرَ: مَن فَعَلَ هذا لَعَنِ اللَّهُ، مَن فَعَلَ هذا؟ إنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ لَعَنَ مَنِ اتَّخَذَ شيئًا فيه الرُّوحُ غَرَضًا” [المصدر: صحيح مسلم – الراوي: سعيد بن جبير].
  • نهى النبي عن اللعن سواء لإنسان أو لحيوان وقد عاقب امرأة من الأنصار بحرمانها من دابتها لأنها لعنتها، كما جاء في الحديث الشريف أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان في سَفَرٍ فسَمِعَ لَعنةً، فقال: ما هذه؟! قالوا: هذه فُلانةُ، لعَنَت راحِلَتَها، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ضَعُوا عنها فإنَّها مَلعونةٌ، فوَضَعوا عنها، قال عِمرانُ: فكأنِّي أنظُرُ إليها ناقةً وَرْقاءَ” [المصدر: سنن أبي داود – الراوي: عمران بن الحصين].
  • كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن تحريش الحيوانات ضد بعضها سواء كانت ديكة أو بهائم.
  • حذر الرسول من قتل الحيوانات بغير غرض الاستفادة من لحمها وفي حديث ضعيف يخبرنا أنها سوف تشهد يوم القيامة على قاتلها.

يوجد الكثير من القصص عن الطير والحيوان في القرآن والتي نتعلم منها دروس وعبر نافعة في الدنيا والآخرة، كما أن القرآن يحتوي على عدد كبير من القصص التي توضح أهمية الطيور والحيوانات.