يتساءل الكثيرون عن الأحاديث الواردة في السنن النبوية وعن مصداقيتها، واليوم سنتناول بخصوص هذا الموضوع صحة حديث صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، لأن هذا ما يشغل محركات البحث في الوقت الحالي بسبب اقتراب يوم عاشوراء الذي يعتبر يوماً مسنوناً صيامه لدى المسلمين في أنحاء البلاد كافة.

صحة حديث صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله

يوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر محرم الهجري وقد حث النبي على صوم هذا اليوم لعدة أسباب وهي:

  • يكفر الذنوب التي يقترفها العبد خلال السنة الماضية، فيكون كفارة له ما بين السنتين.
  • جُمع في الأجر مع صيام يوم عرفة فكان صيامه كفارة لسنة كاملة.
  • والدليل على ذلك الحديث الشريف:

قال النبي صلى الله عليه وسلم :

” صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ ” رواه مسلم 1162.

ما هو سبب اختيار النبي صلى الله عليه وسلم صيام يوم عاشوراء؟

إنّ الأيام عند الله كلها مباركة مادام العبد فيها قائماً على عمل صالح وفعل خير، لكن هناك أيام قد خصها الله عز وجل لطاعة معينة يكون فيها الأجر مضاعف ك صيام عاشوراء مثلا، وقد كان سبب اختيار هذا اليوم هو:

  • أن النبي عندما جاء إلى المدينة -وكان يسكنها ثلة كبيرة من اليهود، وجدهم يصومون هذا اليوم.
  • وعندما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب صيام اليهود لهذا اليوم قيل له أنه يصادف اليوم الذي أنقذ فيه الله بنو إسرائيل من فرعون، فصامه نبي الله موسى.
  • عندها قال النبي محمد صلى الله عليه أنه أولى أن يصومه المسلمون لكون نبيهم محمد أقرب للنبي موسى من اليهود.
  • فصامه صلى الله عليه وسلم وأمر أصحابه أن يصوموه أيضًا، وفي ذلك دليل من الأحاديث الصحيحة المثبتة:

“عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ فَرَأَى الْيَهُودَ تَصُومُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَقَالَ مَا هَذَا ؟ قَالُوا : هَذَا يَوْمٌ صَالِحٌ ، هَذَا يَوْمٌ نَجَّى اللَّهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ عَدُوِّهِمْ فَصَامَهُ مُوسَى، قَالَ فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ ” رواه البخاري.

يستحب صيام تاسوعاء وعاشوراء متتالين

ورد عن سيدنا محمد صلى الله عليه في سيرته النبوية أنه لما سمع اليهود تصوم عاشوراء صامه، ونوى صيامه في العام المقبل وصيام اليوم الذي قبله، لكنه صلى الله عليه وسلم لم يدرك عامه المقبل إلا وقد توفاه الله، وقياساً على ذلك استنتج علماء الفقه:

  • أن صيام النوافل كله مستحب، وصيام أيام من شهر محرم مستحب أكثر.
  • يتوجب على من ينوي صيام عاشوراء أن يصوم يوماً قبله اقتداء بما نوى رسول الله صلى الله عليه.
  • وقد فسرالعلماء صيام يوم التاسوعاء بأنه مخالفة لليهود على صيامهم عاشوراء لوحده.
  • لم ينه النبي عن صيام العاشوراء فردا إن لم يستطع الإنسان صيام غيره، لكن تفسير العلماء جاء في أفضلية صيام يوم قبله أو يوم بعده، أو صيام كلا اليومين وبينهما عاشوراء وهذا أفضل الصيام في شهر محرم والله أعلم، والدليل على سنة صيام تاسوعاء:

روى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال : حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ قَالَ فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . رواه مسلم 1916

الذنوب التي تكفر عن العبد لصيامه يوم عاشوراء

إنّ صحة حديث صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله هي مثبته في علم الحديث، لكن يجب على المؤمن أن يتنبه ويعي ما هي تلك الذنوب التي يمحوها الله إن أراد.

  • الذنوب التي يمحوها الله هي الذنوب التي تكون بين العبد وربه، وما قصر بحق الله بها كالتقصير في أداء الطاعات.
  • إن الله جل وعلا لا يكفر الذنوب التي تتعلق بحق العباد الذي على المؤمن أداؤها، والتي تستوجب التوبة ورد الحقوق إلى أصحابها وطلب السماح منهم.

وبهذا نكون قد أوردنا لكم شرحًا وافيًا عن صحة حديث صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، مع شرح القليل من المعاني التي تبدو غامضة لمن لا يعلمها والله الموفق.