أثيرت العديد من التساؤلات حول صحة حديث بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله، وقد أثير حول هذا الحديث الكثير من الجدل والحيرة فيما بين الناس، ولقد تعددت الأقاويل فيما بينهم، فيوجد من قال إنه حدث ومنهم من قال إنه دعاء لأحد الأنبياء ومنهم من رأى أنه ذكر عادي متوارث، ولكن الحقيقة والفصل الأصح في هذا الأمر سيعرضه لكم موقع القمة بالتفصيل كما ورد في تعاليم الفقه والسنة الصحيحة.

صحة حديث بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله

يتساءل البعض عن مدى صحة حديث بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله، وفي الحقيقة هذا الحديث أو هذا الدعاء لا أساس له من الصحة ويعد من الأحاديث الموضوعة، ونص هذا الدعاء أو الحديث الموضوع كالآتي:

“من قالهن ثلاث مرات صباحًا ومساءً أمَّنه الله من الغرق والحرق: بسم الله، ما شاء الله، لا يسوق الخير إلا الله، بسم الله، ما شاء الله، لا يصرف السوء إلا الله، بسم الله، ما شاء الله، ما كان من نعمة فمن الله، بسم الله، ما شاء الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم“.[1]

قال البعض أن هذا الحديث أو الدعاء يرجع إلى نبي الله إدريس عليه السلام، بينما ذهب فريق آخر إلى أنه يرجع إلى سيدنا الخضر عليه السلام، ولكن في كل الأحوال هذا الذكر لا ينسب لأي نبي أو أحد من الصالحين أو حتى من الصحابة الكرام، ولا يجوز نسبته إلى أي منهم.

اقرأ أيضًا: أحاديث عن رمضان بالصور

آراء العلماء في صحة حديث بسم الله ما شاء الله

آراء العلماء في صحة حديث بسم الله ما شاء الله

لقد تناول العديد من فقهاء وعلماء الدين الإسلامي مسألة صحة حديث بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله، وفيما يلي نعرض أهم هذه الآراء:

1- رأي العراقي

أبدى الإمام العراقي رأيه في هذا الصدد، وفيما يلي نستعرض نص هذا الرأي:

“حديث بسم الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله، ما شاء الله كل نعمة فمن الله، ما شاء الله الخير كله بيد الله، ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله. رواه ابن عدي في الكامل من حديث ابن عباس ولا أعلمه إلا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قال يلتقي الخضر وإلياس عليهما الصلاة والسلام كل عام بالموسم بمني فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه فيفترقان عن هذه الكلمات. فذكره ولم يقل الخير كله بيد الله قال موضعها لا يسوق الخير إلا الله قال ابن عباس من قالهن حين يصبح وحين يمسي أمنه الله من الغرق والحرق وأحسبه قال ومن الشيطان والسطان والحية والعقرب أورده في ترجمة الحسين بن رزين قال ليس بالمعروف وهو بهذا الإسناد منكر“.[2]

تم التعقيب على هذا الرأي من قبل العراقي بقوله إن ذلك لا يمنع من قول هذا الذكر أحيانًا لأنهما ذكران والذكر جائز في كل وقت إلا إذا منع منه مانع، ولقد ذهب أهل العلم إلى تقسيم أفعال العبادة إلا ثلاثة أجزاء الأول تشرع فيه البسملة.

أما الثاني لا تشرع فيه والثالث تكره فيه تمامًا، كما أنهم ذكروا أنها تشرع عند فعل المباحات أو القرب، أما ما يخص المحرم أو المكروه فلا تشرع عنده التسمية ولا يجوز الذكر في الأماكن القذرة النجسة وفي الحمام.

2- رأي الدمياطي

قال الدمياطي في حاشيته على إعانة الطالبين بأن البسملة أمر محبب ومرغوب في كل أمر ذي بال يهتم به شرعًا، شرط ألا يكون شيئًا محرمًا لذاته ولا مكروهًا أيضًا ولا حتى من تفاهات وصغائر الأمور.

3- رأي الإمام جلال الدين السيوطي

قال الإمام جلال الدين السيوطي في هذا الصدد: لأن الغرض من البسملة التبرك في الفعل المشتمل عليه، والحرام لا يراد كثرته وبركته وكذلك المكروه.

4- رأي القرافي

قال القرافي في كتابه الفروق أن أفعال العباد مقسمة لثلاثة أقسام، منها ما شرعت فيه البسملة ومنها ما لم تشرع فيه ومنها ما تكره فيه، فالقسم الأول مثلًا يكون كالوضوء والتيمم وذبح النسك وقراءة القرآن الكريم، ومنه أشياء أخرى ليست من العبادة مثل الجماع والشرب والأكل، ومن القسم الثاني الصلاة والأذان والحج والعمرة والدعاء والأذكار، وفي القسم الثالث مثلًا الأشياء المحرمة لأن الغرض الأساسي من البسملة هو التبرك في الفعل الذي تم البسملة عليه.

اقرأ أيضًا: أحاديث في فضل صيام التطوع

5- شرح الخرشي لمختصر خليل

قال الخرشي في مختصر الخليل أنه كما تشرع التسمية ندبًا في الوضوء تشرع كذلك في الغسل والتيمم والأكل والشرب، ولقد قال أيضًا أنه يمكن الزيادة عليه بقول: وبارك لنا فيما رزقتنا، وإن كان لبنا قال: وزدنا منه، ويجهر بها ليتذكر الغافل ويعلم الجاهل، وإن نسيها في أوله قال في الأثناء: بسم الله في أوله وآخره

كما أن البسملة تشرع وجوبًا مع الذكر في الزكاة بأنواعها المختلفة وهي الذبح والعقر والنحر ما يموت كقطع جناح لنحو جراد ويشرع ندبًا أيضًا في ركوب الدابة.

من خلال التعرف إلى مدى صحة ذكر بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله، يمكننا القول بأنه ليس محرمًا أو باطلًا ويمكن ذكر الله به في أي وقت فالله سميع مجيب للدعاء ويأجورنا على الذكر، ولكن ما لا يجوز فعلًا هو نسبه باطلًا لأحد الأنبياء أو الصحابة.