عوامل استقرار الأسرة في الإسلام من أهم العوامل التي يجب الالتزام بها واتباعها، حيث إن الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء أي مجتمع، لذا إذا كانت هذه اللبنة مفككة سيكون المجتمع منهارًا، وإذا كانت صلبة سيكون المجتمع متماسكًا، ومن خلال موقع القمة يمكن معرفة مقومات استقرار الأسرة في الإسلام.

عوامل استقرار الأسرة في الإسلام

عوامل استقرار الأسرة في الإسلام

يقول الله عز وجل:

{الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [سورة التوبة الآية 71].[1]

من خلال آية الله الكريمة نوضح أن الأسرة هي التي يخرج منها العظماء والمستقيمين، لذا يهدف الإسلام من تكوين الأسرة تحقيق أهداف كبرى تشمل كل مناحي المجتمع الإسلامي، والتي يكون لها الأثر العميق في كيان الأمة الإسلامية، لذا يمكن معرفة أهم الأهداف التي تساعد على استقرار الأسرة في الإسلام والتي تتمثل في:

1- حسن اختيار الزوج الصالح

من أهم عوامل استقرار الأسرة في الإسلام هي حسن اختيار الزوج الصالح، حيث أحل الله تعالى الزواج وجعله أولى الخطوات لتأسيس الأسرة حيث يقول الله عز وجل:

{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [سورة الروم الآية 21]

لذا شجع الله الأفراد على الزواج ورغب في طلب العفة وحثهم على تكوين أسرة صالحة، لذا أوصى المسلمات باختيار الزوج الصالح والمسلمين باختيار الزوجة الصالحة، ولا يقتصر الأمر على الدين حتى يصبح الزوج مناسبًا، بل يجب أن يكون ملائمًا من وجهة نظر المقبل على الزواج سواء كان رجلًا أو امرأة.

كما أوصى الرسول عليه الصلاة والسلام أحد الصحابة بضرورة النظر إلى المخطوبة كحق له قبل الإقبال على الارتباط بها.

اقرأ أيضًا: ما هي وظائف الأسرة

2- بيان حقوق وواجبات الزوجين

في إطار التعرف على عوامل استقرار الأسرة في الإسلام فيدجدر الذكر أنه قد أوضح الدين الإسلامي حقوق وواجبات الأسرة بما يحافظ على التوازن بين أفرادها، فجعل الحقوق والواجبات بينهما تابعة لفطرة كل منهما ومناسبة لطبيعتهما، لذا أمر الله الزوج بمعاملة زوجته بشكل حسن، والإنفاق عليها، وتكريمها، ومشاورتها فيما يتعلق بالأسرة.

حيث أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بها قبل وفاته حيث قال عليه الصلاة والسلام

مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ فلا يُؤْذِي جارَهُ، واسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا؛ فإنَّهُنَّ خُلِقْنَ مِن ضِلَعٍ، وإنَّ أعْوَجَ شَيءٍ في الضِّلَعِ أعْلاهُ، فإنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وإنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أعْوَجَ، فاسْتَوْصُوا بالنِّساءِ خَيْرًا” [الراوي: أبو هريرة].

كما أمر الزوجة بطاعة زوجها وتلبية احتياجاته، ثم وجه الزوجين إلى تربية أبنائهم على حسن الخلق، وعلى مبادئ الإسلام السمحة، كما أمرهم بتعليمهم الصلاة والعبادات من خلال الترغيب منذ سن مبكر.

3- تجنب الطلاق

في صدد التعرف على عوامل استقرار الأسرة في الإسلام أمرنا الله عز وجل بتجنب الطلاق، حيث إن له أثر في تفكك الأسرة وزوال الود بين أهم طرفين فيها وهما الزوج والزوجة، حيث إن الله لم يحرم الطلاق إذا كان فيه خير وراحة للزوجين بعد طول اختلاف.

لكن يجب المحاولة بكل سبل الإصلاح قبل الإقبال على تلك الخطوة، وعلى الرجل والمرأة أن يتأنوا في اختيار شريك حياتهم حتى يتجنبوا هذه المرحلة، كما يجب المحاولة في حل المشكلات الزوجية بالتفاهم واحترام الطرفين لبعضهما البعض.

اقرأ أيضًا: نصائح للمقبلين على الزواج لبناء حياة مشتركة سليمة

4- إعطاء الأبناء حقوقهم

في إطار استكمال التعرف على عوامل استقرار الأسرة في الإسلام، تعد حقوق الأبناء هي حقوقهم في المأكل، المشرب، المعاملة الحسنة، العلاج، تكريمهم وتربيتهم على الأخلاق الفاضلة والكريمة، والمحافظة على حياتهم في أصعب الظروف.

حيث يقول الله عز وجل:

{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا} [سورة الإسراء الآية 31]

لذا لا يمكن إزهاق أرواح الأطفال خوفًا من أن يطالهم الفقر والعوز، حيث كان الناس قديمًا في الجاهلية يقتلون الإناث حتى لا يحصلن على حق الميراث.

5- إصلاح العلاقة مع الله عز وجل

تأتي أبرز عوامل استقرار الأسرة في الإسلام في إصلاح العلاقة مع الله عز وجل حيث إنه إذا أصلحت علاقتك مع الله، أصلح الله معك كل شيء.

حيث إن بعض العارفين يقول: إنه يعرف مقامه عند الله من أخلاق زوجته، فإذا كانت علاقته بالله قوية، ألهم الله زوجته أن تنصاع له وتعتني به وتكون في خدمته ورعايته، فعندما يتم تطبيق منهج الله عز وجل في معاملة الزوجة تكون ذات هيبة كبيرة في نظرها.

اقرأ أيضًا: نصائح للمقبلين على الزواج لبناء حياة مشتركة سليمة

6- الاهتمام بالمشاعر الإنسانية

من ضمن عوامل استقرار الأسرة في الإسلام هي الاهتمام بالمشاعر الإنسانية والتي من بينها الثناء والمديح النابع من الزوج لزوجته سواء في ترتيب المنزل، أو تحضير الطعام، أو الملبس والعطر، أو أسلوب تربيتها للأولاد، أو معاملتها مع الآخرين، حيث إن الثناء يدخل السرور والسعادة على نفسها.

لذا نمتثل بمثال حين دخل علي بن أبي طالب على زوجته فاطمة الزهراء رضي الله عنها وعنه فرآها تستاك بسواك من أراك قال لها في بيتين عجيبين:

حظيت يا عود الأراكِ بثغرها ** أما خفت يا عود الأراك أراكَ

لو كنت من أهل القتال قتلتك ** ما فاز مني يا سِواكُ سِواكَ

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ بيوتنا من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، حيث يجب اتخاذ الأساليب والطرق الصحيحة في اختيار الأزواج وفي أصول التربية الصحيحة.