هل يجوز للزوج أن يعطي زوجته عطية دون باقي الورثة؟ وما هي شروط الهبة في الإسلام؟ فتعتبر العطايا أو الهبات من الأشياء التي ورد ذكرها في الدين الإسلامي والتي من المعروف أنها تكون بين الأشخاص وبعضهم وفقًا لضوابط معينة، ونعرف اليوم من خلال موقع القمة حكم اختصاص الرجل زوجته بهبة دونًا عن سائر الورثة.

هل يجوز للزوج أن يعطي زوجته عطية دون باقي الورثة

هل يجوز للزوج أن يعطي زوجته عطية دون باقي الورثة

يتساءل بعض المسلمين هل يجوز للزوج أن يعطي زوجته عطية دون باقي الورثة والإجابة هي نعم يجوز، فالعطية هي الهدية ويمكن للزوج أن يهادي زوجته بأي شيء في أي وقت بعيدًا عن الميراث.[1]

لكن هذا لا يعني أن هذه الهدية أو الهبة والعطية تقتطع من نصيبها من الميراث فيما بعد سواءً كان قد أورث الرجل أهله ما عنده خلال حياته أو بعد وفاته، ومن الجائز أيضًا أن يختص زوجته بهبة وهدية بعيدًا عن بقية الورثة.

(وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا) [سورة النساء، الآية رقم 4].

كما أن الدين أوصى بقبول الهدية لأن تبادل الهدايا يعد من باب المراضاة والمودة والمحبة بين الناس، وهو أمر مستحب بين الأزواج سواءً من قبل الطرفين وهذا ما ورد في الحديث الشريف التالي:

“عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قال: كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ ويُثِيبُ عَلَيْهَا” [حدثه البخاري، المصدر: صحيح البخاري].

اقرأ أيضًا: هل يجوز الطلاق بدون حضور الزوجة

حكم الهبة في الإسلام

في إطار الإجابة عن سؤال هل يجوز للزوج أن يعطي زوجته عطية دون باقي الورثة فيجب أن نتعرف على حكم الهبة في الإسلام، وحكمها فيه مشروع ومستحب ولقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بتبادل الهدايا.

فيجوز للرجل أن يخصص لأبنائه هدية ولزوجته أيضًا دون وجود سبب شرعي مثل الفقر والحاجة لشيء معين، ولكن يجب ألا يكون الأب قاصدًا أن يحرم بقية أبنائه أو بقية زوجاته إذا كان متزوجًا بأكثر من امرأة.

أركان الهبة

للهبة في الإسلام أركان وهي:

  • الواهب وهو العاقد أو الشخص الذي يقوم بتقديم الهبة.
  • الموهوب له وهو متلقي الهبة.
  • الموهون وهو المال أو الهدية التي يتم تقديمها والمال هنا يشمل كل شيء ذا قيمة وليس النقود فقط.

اقرأ أيضًا: هل يجوز رجوع الزوجين بعد الخلع

شروط الهبة

ورد في الإسلام الشروط التي يجب أن تستوفى في الهبة، حيث لكل ركن من أركانها شروط كالآتي:

1- شروط الصيغة

يجب أن يكون الإيجاب والقبول دون انقطاع أو فترة فاصلة، لأن الهبة أو العطية تعد بمثابة تمليك ولا تتقيد بتوقيت معين مثل أن تكون هبة لفترة محددة كشهر أو عام كامل مما يعني أن الهبة تمليك دائم.

2- شروط الواهب

يجب أن يكون مقدم الهبة لديه أهلية التبرع كأن يكون عاقلًا بالغًا راشدًا، ولا تجوز الهبة من قبل الصبي أو المجنون كما يشترط أن يكون الواهب هو مالك الهبة.

3- شروط الموهوب

تتعدد الشروط التي يجب أن تستوفى في الموهوب وتتلخص فيما يلي:

  • أن يكون المال الموهوب موجود وقت الهبة، حيث لا تنعقد هبة شيء غير موجود وقت العقد، مثل أن يتم وهب محصول هذا العام أو ما ستلده الشاة لأن هذا تمليك معدوم.
  • أن تكون الهبة مالًا متقومًا فلا تجوز الهبة بمال كالميتة أو الدم وما ليس متقوم مثل الخمر.
  • أن يكون الموهوب مملوكًا في نفسه لأن هبة الطير في السماء لا تصح ولا تجوز.
  • أن يكون المال ملكًا للواهب فلا تنفذ هبة مال غيره دون إذن صاحب المال الأصلي.
  • أن يكون الموهوب مفرزًا لأن هبة المشاع لا تصح، أي أن يتم وهب ما يحتمل القسمة كجزء من منزل.

اقرأ أيضًا: هل يجوز كتابة المؤخر ذهب

إرث الزوجة في الإسلام

لا يوجد دين سماوي أو وضعي أنصف المرأة على مختلف الأصعدة مثلما أنصفها الإسلام، فالمرأة قبل الإسلام كان يؤخذ حقها في الميراث سفحًا من قبل الرجال أو الأهل ولا تتمتع به، ولكن عندما أتى الإسلام جعل لها نصيبًا محددًا ومعروفًا في الميراث بمختلف حالاته، والدليل على ذلك ما ورد في كتاب الله العزيز بهذه الآية:

(وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ) [سورة النساء، الآية رقم 12]

ليس القرآن وحده الذي ورد فيه حق الزوجة أو المرأة بوجه عام في الميراث، بل وردت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة عن هذا الأمر إلا أن أبرزهم هذا الحديث:

“عن معقل بن سنان رضي الله عنه قال: عن عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنه، في رجُلٍ تزوَّجَ امرأةً، فماتَ عنها ولم يدخُلْ بها، ولم يفرِضْ لها الصَّداقَ، فقال: لها الصَّداقُ كاملًا، وعليها العِدَّةُ، ولها الميراثُ…..

فقال مَعْقِلُ بنُ سِنانٍ: سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قضى به في بَرْوَعَ بنتِ واشقٍ، وفي روايةٍ: قال: اختلَفوا إليه شهرًا -أو قال: مرَّاتٍ-، قال: فإنِّي أقولُ فيها: إنَّ لها صَداقًا كصَداقِ نسائِها، لا وَكْسَ ولا شَطَطَ…..

وإنَّ لها الميراثَ، وعليها العِدَّةَ، فإنْ يَكُ صوابًا فمِنَ اللهِ، وإنْ يكُنْ خطأً فمنِّي ومِنَ الشَّيطانِ، واللهُ ورسولهُ بَريئانِ، فقام ناسٌ مِن أشجَعَ، فيهِمُ الجرَّاحُ، وأبو سِنانٍ، فقالوا: يا بنَ مسعودٍ، نحنُ نشهَدُ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ……

 قضاها فينا في بَرْوَعَ بنتِ واشقٍ -وإنَّ زَوجَها هِلالُ بنُ مُرَّةَ الأشجعيَّ- كما قضيْتَ، قال: ففرِحَ عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ فرحًا شديدًا حينَ وافَقَ قضاؤُه قضاءَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ” [حدثه الألباني، المصدر: صحيح أبي داوود].

من خلال الإجابة عن سؤال هل يجوز للزوج أن يعطي زوجته عطية دون باقي الورثة، يمكننا التأكد من أن الإسلام حرص كل الحرص على جعل العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة يملؤها المودة والمحبة والطرق لذلك متعددة.